Sunday, July 11, 2010

حكايـة مُصـيـبـة !! (7)

حكاية مُصيبة !


| الحلقة السابعة (7) |
 "الزنــزانـــة !! "


كلاكسات ..
زمارات ..
وصوت سرينة البوليس ..
كُل حاجة بقت بتضغط على أعصابي ..
حسيت إني حانفجر !
و ...

كُل حاجة حصلت بسرعة ..
فرامل ..
صوت تصادم وكسر !
عساكر بتدبدب على الأرض ..
وعربية عدت من ورايا ..
شفتها وهي جاية عليا ..
واجهتها ..
حسيت بالنهاية ..
وشريط حياتي كُله مرّ أدامي !
كانت صدمة .. لكنها مش أي صدمة ..
كانت صدمة مُشابهة .. زي ما تكون حصلت لي قبل كده ..
و ...
نسيت كُل حاجة !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~


| قبل 12 ساعة !! |

الساعة سبعة الصُبح !!
7 دقات للساعة ... عديتهم دقة دقة !
حسيت إن كل دقة فيهم كإنها زمن مرّ عليّا ..

كُل دقيقة كانت بتمحي بالنسبة لي الإحساس بالزمن ..
جزء مني كان حاسس إني كبير .. كبير لدرجة بتطلب مني أوقف حياتي ..
هو ده الجزء اللي خلاني أحاول أرمي نفسي ..

أما النُص التاني من عقلي ...
فهو كان النُص المُعتاد ..
النُص اللي بيقولي أد ايه أنا صُغير !
أد ايه أنا جبان ... مش عارف حاجة !
مُجرد شخص وجوده ملهوش أي معنى !

وهو ده برضه الجُزء اللي دفعني إني أرمي نفسي ..
مع اختلاف الدافع طبعًا .. وهو رغبتي في التذكر .. رغبتي في الصدمة !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الساعة تمانية الصُبح !
أنا مصحيتش بدري !
أنا أصلا منمتش من امبارح !
نهاري مبدأش ... لإن ليلي منتهاش !

مش قادر أبعد عن فكري أحداث الساعات اللي فاتت ..
من أول المشهد اللي افتكرته ..
البني آدمين اللي نطوّا جوّا ذاكرتي مرة واحدة !

مروان .. أحمد .. عمرو !!
مين كُل دول ؟ أنا أصلا مش قادر أفتكرهم كويس ..
اشمعنى افتكرتهم في الموقف ده ..

يا ترى المشهد اللي افتكرته له علاقة بإني كنت رايح لدكتور سعيد ؟!
ولا دكتور سعيد ده كمان !
ده بقى حكاية تانية خالص ... حكاية واضح إنها قديمة وليها جذور في علاقتي بصحابي ..
حكاية أبعد ما تكون عن البراءة !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الساعة تسعة ..
دقة جديدة في مواقيتي النفسية ..
مفيش حاجة بتساعدني إني أنام !
ولا حاجة بتساعدني إني أصحى ..

كُنت زي الشبح اللي بيمشي في الأوضة ..
رايح جاي ..
جاي رايح ..

كُنت باطلع فوق السرير وأنزل ..
كان بيتهيأ لي إني باخترق السرير أصلا !
ما هو أنا بقيت شبح خلاص !

والشخص الوحيد اللي كان بيشوف الشبح ده ..
الشخص الوحيد اللي كان قادر يفهمني بكل بساطة ..
خلاص .. هو كمان راح .. بالضبط زي ذكرياتي كلها ..

أكرم !
مش قادر أنسى الموقف اللي حصل ..
أكيد أنا كُنت غبي بدرجة رهيبة ..
وأكيد هو كان بيحاول ينقذني ..

أنا مش فارقة معايا هو مدين ليا ولا لأ !
بس أنا محتاج أكرم حاليًا ..
لو أعرف بس أوصله !

لو أفتكر هو ساكن فين !!
كُنت رحت له على طول ..

بس مش دي المُشكلة .. 
المُشكلة إني مش باعرف أعدي السكة لوحدي !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
عشرة صباحًا ..
قفلت شباكي .. قفلت البلكونة ..
مش عاوز أي ضوء ..

وبعدها استقريت فوق المكتب !
ايوه فوق المكتب !!

مسكت ورق صُغير وكتبت عليه مُلاحظات بسيطة ..
وبدأت أعلقه على الحيطة ..
وعلّقت معاه شوية صور ..

ورقة عليها اسم ماما ..
ورقة عليها اسم أكرم .. وصورة ليا أنا وهو !
ريم .. وصورة لريم !
سمر .. وصورة لسمر .. صورة قطعتها من صورة ليها هي وأكرم !
هو أنا لسه متضايق منه ولا يه !؟!

ورقة تانية عليها اسم عمرو ..
ورقة باسم مروان .. ورقة باسم أحمد ..
وكلهم  جنبهم علامات استفهام ..

ورقة باسم شادية ..
وورقة باسم خالتي علياء ..
وورقة كبيرة كتبت عليها .. أبويا !!

أنا شفت الحكاية دي في فيلم أجنبي بعد ما فقت من الغيبوبة ..
كان راجل فاقد ذاكرته برضه ..

ايوه أنا مُتاكد إنه فيلم أجنبي ..
ده لو مكانش الفيلم اللي أنا عايش فيه حاليًا !

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

الساعة 11 !
بدأت أقاوم رغبة جسمي في النوم ..
بدأت أحقق كلمة سمعتها من أكرم في يوم من الأيام ..

يوم ما فضل سهران معايا لغاية تاني يوم ..
قال لي إننا (حنطبق) !!

ولما سألته يعني ايه ..
جاوبني / "يعني حنقضيها صحيان يا صاحبي "

وفضلنا صاحيين لتاني يوم .. 
ساعتها قدرت طبقت .. 
لإن أكرم كان معايا وقتها ..

بس دلوقت مش قادر ..
أنا لوحدي ..

نمت على المكتب !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الساعة 5 !
5 دقات ...
كانوا كُلهم بدون معنى ليا ..

الحاجة الوحيدة اللي فكرت فيها هي الحلم اللي حلمته !
الحلم كان فيه شخص واحد ..
هو ماما ..
كانت بتعمل حاجة واحدة ..
كانت بتبص لي نظرة عتاب .. نظرة أسى ..
زي ما تكون ندمانة على إني ابنها !
أو يمكن تكون ندمانة على حالي !

مش عارف !

- قُمت من على المكتب ..
فتحت الشباك ..
مكانش فيه هوا !

غيرّت هدومي ..
وغسلت وشي ..

بعدها خرجت من الأوضة...
بعد ما ألقيت بنظرة طويلة على خريطة الصور والأسماء اللي رسمتها على الحيطة فوق المكتب ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

خرجت من الأوضة ..
اتمشيت في الشقة ..
كان فيه صمت رهيب في المكان ..
حسيت بشكل غريب إني لوحدي في البيت ..
أو لوحدي في البلد كُلها ..

رُحت على أوضة ماما علشان أشوفها ..
وأنا رايح عديت من جنب باب شقتنا ..
ساعتها تخيلت مشهد أكرم وهو بيفتح الباب وبيمشي للأبد ..
ساعتها بس ركبت الصورة مع صوت هبدة الباب اللي سمعته امبارح !

- خبطت على باب الأوضة ..
بس محدش رد .. واضح إن ماما مش هنا ..

دخلت الأوضة ..
وأنا عادةً مكنتش بادخلها ..
يا دوبك كُنت باكتفي بنظرة سريعة على المكان لما أروح أطلب حاجة من ماما !

كانت أوضة كبيرة ..
ليها ستايل كلاسيكي في الألوان والكراسي والسرير ..
وفيه هوا جاي من شباك مفتوح ..

قعدت على السرير ..
إتأملت المكان في صمت ..
وبعدين فتحت دُرج من أدراج الدولاب الموجود في جنب من الأوضة ..
الُدرج كان مفتوح حتة صغيرة ..

فتحته .. ولقيت نوتة صغيرة موجود فيه ..
واضح إنها لسه محطوطة ..

مسكت النوتة وفتحتها ..
محتجتش وقت كبير علشان أعرف إنها مُذكرات ماما ..
كانت مُذكرات من نوع خاص ..
كُل يوم في جُمل بسيطة ..
مكتوبة بخط جميل ..

- فتحتها على آخر صفحة مكتوبة .. كانت بتاريخ امبارح ..
وبدأت أقرأ اللي كتبته ماما .. كانت مُجرد كام جُملة تتعد على الصوابع ..
] ولدي... ولدي لم يكُن كأي من الأبناء...
لم يكُن هو من تأثر بي أو بأبيه ... لم يكن له نفس طِباعنا ...
إنما كان هو من يؤثر  علينا ..
بهالتِه المُحيطة ... كان يدفعنا دومًا لرد الفعل الذي يُريده هو !

ولدي لم يكن كغيره ..
لكني بدأت أخشى – على الرغمِ ممّا ألمّ به مؤخرًا-
بدأت أخشى أنه يفقد تلك الهالة تدريجيًا ...
وربما تأثر هو بنا ... ولو حدث ذلك فربما انتهى به الأمر كما انتهى به سابقًا !
أحبك .. يا ولدي [

أنا قريت الكلام مرة واتنين وتلاتة ..
مكنتش عارف أتعجب من ايه بالتحديد ..
معنى الكلام .. ولا حقيقة إن ماما هي اللي كتبته .. ولا أسلوبها غير العادي في الكتابة ..
ولا حكاية الهالة والتأثير والكلام العجيب ده ..

مقدرتش أستوعب ..
كُنت عاوز أسأل ماما عن كل كلمة ..
 عن المُعاناة اللي واضح إنها بتعانيها ..

الساعة في أوضة ماما دقت 6 دقات !
في حين دورّت على ماما في الأوضة ..
ملقيتهاش ..
واضح إنها لسه مخرجتش من الحِلم !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
أنا محتاج أتكلم مع أي حد !
سمر هي أقرب واحدة ليّا في الوقت الحالي ..

خرجت بسرعة في البلكونة ..
كان عندي استعداد إني أحدف أي حاجة على بلكونتها علشان تخرج وتكلمني ..
علشان أحكي لها ... علشان أتأسف لها على اللي حصل امبارح !

بس سمر مكانتش في البلكونة ..
ومش ده المُهم ..
المُهم إني شفت عربيتها بتركن أدام البيت ..

عمرو نزل من العربية ..
كان لابس بنطلون جينز وقميص أسود مدخله جوا البنطلون ..
ومعلق مُسدس بالجراب بتاعه ..
وطبعًا شكله ميكتملش من غير نضارة شمس سودا !

كان راكب معاه شخص تاني في العربية ..
الشخص ده فتح الباب ونزل بعد عمرو ..
كان لابس لبس ميري أسود ..
لبس ضابط ..
وماسك الطاقية في ايده ..
وفيه مُسدس متعلق في الحزام بتاعه ...

أنا عارف الضابط ده كويس ..
شفته قبل كده مرتين ..
مرة يوم ما نزلنا الشارع والبوكس أخدنا أنا وأكرم،
وبعدين جه هو وهربنا وقال لي إن العملية مبقتش زي زمان ..

والمرة التانية كان بلبس غير لبسه الرسمي ..
كان بيتحداني بنظرته القوية ..
المرة التانية لمّا شفته في مشهد قديم ..
مشهد افتكرته بالتحديد امبارح ..

هو ده كان أحمد !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
دخلت الأوضة زي المجنون ..
غيرّت هدومي كمان مرة النهارده بدون أي سبب ..
سرحت شعري ..
حاولت أهدي أعصابي بقدر الإمكان ..

أنا محتاج أروح حالا لبيت سمر ..
محتاج أقابل عمرو وأحمد ..
علشان أفهم أي حاجة ..

لازم أروح حالا ..
قبل ما أفتكر حاجة تانية تلغبط حياتي أكتر !

تفكيري البسيط ده أخد وقت أزيد من اللازم ..
لغاية ما كُنت مُستعد نهائيًا إني أنزل وأروح لبيت سمر ..
واهو مشوار بسيط .. مجرد خطوتين ..

بس التليفون رنّ ..
وأنا عادة مكنتش اللي أرد على التليفون ..
لكني رفعت السماعة على السريع ..

"مازن .. انت هنا ؟"
كانت سمر هي اللي بتسألني ..

(سمر .. ايوه ..أنا مازن !!)
ايه الصدفة الغريبة دي ..

"مازن .. تقدر تيجي دلوقت عندي في البيت .. احنا محتاجين نتكلم "
قالت لي الجملة بصوت هادي وواثق ..

( أكيد .. أكيد .. أنا جاي حالاً !)
رديت لعيها وقفلت السكة حتى من غير ما أقولها سلام ..
ومن غير ما أوضح لها إني كنت ناوي أروح لها أصلا !

فتحت الباب ونزلت ..
قبل ما أنزل .. سمعت دقات الساعة السبعة !
زي ما يكون الصبح بيبدأ عندي !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

- بمُجرد ما خرجت من عمارتنا ..
لقيت عمرو وأحمد بيركبوا العربية وماشيين ..
بقيت في صراع نفسي رهيب ..
هل أطلع لسمر وأشوفها كانت عاوزاني في ايه ؟!
ولا أروح ورا عمرو وأحمد ؟!

لقيت تاكسي بالصدفة بيعدي في شارعنا ..
وده شيء عادةً مش باشوفه ..

شاورت له .. وركبت ..
قلت للسواق إنه يمشي ورا العربية دي ..
و اهو على الأقل معدتش الشارع علشان أروح لبيت سمر !

- فضلنا ورا العربية لمدة حوالي ربع ساعة ..
وأنا بافكر يا ترى ممكن أقول ايه لعمرو وأحمد ..
وبالذات أحمد !

التاكسي وقف بيا على جنب ..
في شارع زحمة .. شارع مش غريب عليا ..
كان شارع رئيسي من الشوارع اللي اتعودت امشي فيها أنا وأكرم ..

السواق وهو بيشاور لي على عربية عمرو اللي وقفت/
" العربية وقفت عند القسم يا بيه "

قلت له / (شكرًا ) ..
وبعدها نزلت وعطيت السواق أجرته ومستنتش حتى إني أخد الباقي ..

دققت في ملامح المشهد المُحيط بالقسم ..
كان فيه حوالي عربيتين أمن مركزي راكنين عند رصيف القسم ..
وأكتر من عربية ملاكي .. وعربيات بوليس واقفين جنبهم، وفي الشوارع الجانبية ..

عمرو وأحمد نزلوا من العربية ..
في حين أنا استخبيت بقدر الإمكان علشان أقدر أشوفهم وهم بينضموا
لسيل البشر والعساكر اللي بيدخل ويخرج من القسم ..
وكان شيء غريب إن القسم فيه كمية الحركة دي في الوقت ده والليل قرّب خلاص ..

- دخلوا هُم الاتنين القسم ..
وبشكل غريب وغير متوقع ..
نجحت في الانسياب بين الأبواب وبين المُخبرين والعساكر الواقفين على باب القسم ..

لكن للأسف عمرو وأحمد اختفوا في ممرات القسم الكتيرة ..
ولقيت نفسي باطلع الدور اللي فوق ..
وأدور على عمرو أو أحمد ..

ملقتش حد ..
فقررت أنزل تاني، وأكتفي من الحماقة اللي أنا فيها ..

لكن فيه ايد مسكتني من كتفي ..
كان أحمد .. بنفس نظرة عدم التصديق اللي شفتها في عينه يوم ما هربنا من البوكس ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
عمرو ظهر في الصورة بشكل مُفاجيء، وسألني بعد الصدمة
"مازن .. انت بتعمل ايه هنا !! "

رديت عليه / (أنا جيت وراكم لما شفتكم نازلين من عند سمر !)

هم الاتنين بصوا لي، والخوف واضح في عينهم ..
زي ما يكون وجودي هنا هو مصيبة أكتر من كونه مُفاجآة !

"عمرو !!"
صوت غريب نادى على عمرو ..
كان صوت له نبرة خنيقة كده ..
ومعاه صوت خطوات جاية علينا ..

عمرو بص لأحمد .. وبعدين بص لي ..
وفي لحظة أحمد شدني.. وزنقني على حيطة في واحد من الممرات اللي جنبنا ..
وشاور لي بايده إني اسكت خالص ومنطقش !!

كُنت قادر ألمح المشهد ، والشخص اللي جه ..
كان ضابط في نفس عُمرنا احنا التلاتة ..
كانت عينيه بتلمع بشكل غريب ..
وصوته فيه نبرة استهزاء واضحة وهو بيكلم عمرو ..

قال له جملة واحدة وهو بيبص له بكراهية مُعتادة /
( عندنا اجتماع مع سيادة اللواء بعد عشر دقايق ... انجز يا عمووور )!
قال آخر كلمتين باستهزاء غير عادي .. استهزاء مسمعتش في طريقته قبل كده !

وبعد ثواني مشى ..
أما عمرو فرجع لي أناوأحمد ..
سألني / "انت عاوز ايه يا مازن ؟ .. انت ايه اللي جابك هنا ؟ "

(عاوز أعرف اي حاجة .. أنا افتكرت حاجات عن قبل الحادثة اللي حصلت لي ..
وانتم الاتنين كُنتم في اللي افتكرته ده .. )
وشاورت عليهم هم الاتنين ..

(علشان كده حد يساعدني .. )

أحمد / "أنا سبق وقلت لك إن الحال مبقاش زي زمان ..وإن .."
قاطعته / ( وده بقى على أساس إني فاكر الحال زمان كان عامل ازاي !! )

عمرو وهو بيحاول ينهي النقاش ..
"أحمد .. اتصرف .. أقولك .. خده على المكان إياه .. وأنا لازم أخلص من الموّال بتاع
إسماعيل الزفت ده !! "

أنا فهمت إن إسماعيل هو الضابط اللي جه وكلمه ..

أحمد رد عليه وهو بيشدني من ايدي / "خلاص .. أنا حاخليه يطلع من القسم على طول "
وبعدها عمرو طلع يجري في الاتجاه اللي مشى فيه الضابط ..
أما أنا وأحمد فمشينا في الاتجاه المعاكس ..
طلعنا سلالم دورين ..
وفي الآخر وقفني عند باب مفتوح ..
كان باب زنزانة ..

قال وهو بيزقني علشان أدخل الزنزانة المفتوحة /
"معاك خمس دقايق يا مازن .. مش ناقصين مشاكل "

بصيت في الساعة اللي أنا لابسها في ايدي ..
كانت الساعة 8 !
وبشكل خيالي قدرت أسمع 8 دقات !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الزنزانة كانت مفتوحة ..
بشباك عليه قضبان !
كانت زي أي زنزانة ممكن تشوفها في قسم ..
وده من ناحية مساحتها وتهويتها والإضاءة الخافتة اللي فيها ..

لكنها كانت زنزانة مكتوبة !
زي ما تكون مقطوعة من صفحات كتاب .. أو مذكرات ..

مفيش مكان على الجدران إلا وفيه جملة أو اسم مكتوب ..
ده كان فيه أجزاء كمان مكتوب عليها خواطر كاملة ..
وحكايات طويلة ..

منها مكتوب بحبر أسود ..
ومنها بجير أبيض !

وفيه كتابات محفورة !

اسمي كان مكتوب ..
مازن . مُصيبة .. مُزز ..
اسم عمرو كمان !
واسم أكرم .. واسم مروان وأحمد !
واسماء تانية كتيرة معرفتهاش ..

لكن اللي صدمني هو اسم ريم ..
واضح إني كتبته .. أكيد ريم مجاتش الزنزانة دي في يوم من الأيام !

افتكرت حاجة ..
كانت عبارة عن مشاهد كتيرة غير مُرتبة ..
زي ما تكون الزنزانة دي نوع من الصدمة اللي فكرتني ..

افتكرت وأنا لابس أبيض ..
وأحمد وعمرو بييجوا يزوروني في الزنزانة زي ما تكون أوضتي ..
افتكرت وجود أكرم معايا ..
وهو لابس أبيض برضه ..

أنا ومروان واحنا بنكتب على جدران الزنزانة ..
والضابط اللي اسمه إسماعيل وهو بييجي يواجهنا !

كُل حاجة بدأت توضح ..
إما أنا ليّا نشاط سياسي ..
يا إما نشاط تاني ممنوع .. مُخدرات مثلا !!
للحظة افتكرت شادية !!

فهمت برضه إن عمرو وأحمد بيعرضوا حياتهم ووظيفتهم للخطر بسببي ..

دققت في جدران الزنزانة ..
وقررت إني أخرج ..

لكني لقيت أحمد بيقفل الزنزانة فجأة !
وإسماعيل الضابط إياه بيظهر جنبه ..

بصوا لبعض نظرة تحدي ..
نظرة الكره كانت في عين إسماعيل ..
لكن نظرة أحمد كانت نظرة قوية بمراحل ..
واضح إنه متعود !

إسماعيل بص لي جوا الزنزانة ..
شافني .. وشفته ..
كان فيه شرارة غير واضحة ما بين نظراتنا احنا الاتنين ..

بالنسبة له كانت صدمة رهيبة إنه شافني ..
أما بالنسبة لي فكان فيه خوف غير مُبرر !

إسماعيل ابتسم !
وبعدين بص لأحمد ..
ومشى بسرعة ..


- أحمد فتح الزنزانة .. وقال لي /
"اخرج بسرعة من القسم أحسن لنا كلنا يا مازن "

مرضتش أرد عليه ..
سبته ومشيت ..
نزلت السلالم ..
لغاية ما وصلت عند باب القسم ..
وخرجت بنفس الانسيابية ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
- عربيات الأمن المركزي اللي كانت راكنة زادت في العدد !
بدل العربيتين بقوا حوالي 5 أو 6 عربيات !!

عديت ما بين عربيات الأمن !
ألقيت بنظرات على العربيات والعساكر اللي فيها !

بالتصوير البطيء .. كانت عينيا بتفحص المشهد ..
باحسه ..
تقدر تشم ريحة العذاب والغُلب اللي الناس فيه ..
لدرجة إنك متعرفش مين في العربيات دي ؟!
عساكر ولا مساجين !!

- فضلت ماشي في الشارع وأنا بافكر في الزنزانة إياها ..
قطعت الطريق الطويل في صمت ..
كُنت ماشي على الرصيف على جنب كده ..
شوية أفكر .. وشوية أتفرج على المحلات ..

عربية أمن مركزي عدت من جنبي ..
لفيت وبصيت ورا ..
شفت عربية أمن كمان بتتحرك وراها .

وعربية بوليس كانت جاية عليا ..
سايقها إسماعيل ...بنفس الابتسامة ..

فجأة .. أدركت كُل حاجة على وشك إنها تحصل ..
وقررت أصعب قرار ممكن أخده !
قررت إني أعدي الشارع لوحدي !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

خطوة .. التانية ..
عربيات بتجري ..
وعربيات بتهدي علشان الأمن المركزي !

عربيات الأمن ركنت خلاص ..
وعساكر بدأت تنزل !

أما أنا فوقفت في نُص الشارع !
قلبي وقف تقريبًا ..
افتكرت جُملة سمعتها في فيلم أجنبي ..
Fight or Flight!
بس أنا أصلا مش عارف أختار !

كلاكسات ..
زمارات ..
وصوت سرينة البوليس ..
كُل حاجة بقت بتضغط على أعصابي ..
حسيت إني حانفجر !
و ...

كُل حاجة حصلت بسرعة ..
فرامل ..
صوت تصادم وكسر !
عساكر بتدبدب على الأرض ..
وعربية عدت من ورايا ..
شفتها وهي جاية عليا ..
واجهتها ..
حسيت بالنهاية ..
وشريط حياتي كُله مرّ أدامي !
كانت صدمة .. لكنها مش أي صدمة ..
كانت صدمة مُشابهة .. زي ما تكون حصلت لي قبل كده ..
و ...
نسيت كُل حاجة !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
للحظة .. مرضتش أخاطر وأفتح عينيا ..
مكنتش أعرف أنا لسه عايش ولا لأ ..
يا ترى حاقدر أواجه العالم !

فتحت عينيا ..
كانت عربية عمرو هي اللي عدت وركنت ورايا ..
عمرو قال لي / "اجري "

الشارع كان فاضي أدامي ..
أخدتها جري ..
اكتشتفت إني سريع جدًا ..

دخلت شوارع جانبية. .
وشوارع جانبية تانية ..
مهمنيش ايه اللي بيحصل ورايا ..
لكن واضح إن محدش لحقني ..
وإن الدربكة اللي حصلت كان لها دور في تشتيت العملية المُفاجئة !

- لقيت نفسي داخل بيت صغير كده ..
قعدت في دخلة البيت .
اكتشفت إني باعيط ..
وبانهج ..
وأهم حاجة إني فاكر !
فاكر كتير !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الساعة عشرة بالليل !
بعد ما قضيت ساعتين في مدخل البيت ده ..
في الواقع أنا نمت في مدخل البيت ..
ومصحتش غير لما سمعت صوت باب شقة بيتفتح .

قُمت بسرعة ..
طلعت برا ..
حسيت إن الأوضاع مُستقرة ..

وفضلت ماشي في شوارع ..
لأول مرة كُنت حاسس إن فيه أماكن شكلها مش غريب عليا ..

فضلت ماشي ..
لغاية ما لقيت نفسي عند عمارة حوالي 8 أدوار !
عمارة شكلها نضيف وشيك ..

دخلت العمارة اللي من غير بواب ..
ولقيت نفسي تلقائيًا باطلع للدور الرابع ..
وقفت قُصاد شقة ..
خبطت على الباب بُعنف ..

أكرم فتح !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

أكرم بص لي باستغراب ..
أكيد كان بيتعجب أنا ازاي افتكرت بيته ..
أنا نفسي مكنتش عارف ازاي !

اتصدم من شكلي ..
وأنا أصلا مكنتش عارف شكلي عامل ازاي !!

( أكرم .. أكرم .. أنا افتكرت . كل حاجة تقريبا ..
أنا وانت .. عمرو . . سمر .. الحركة .. الأبيض .
و .. و .. وكان فيه شقة ..
أكرم كان فيه شقة أنا قاعد فيها ..
وأماكن كتيرة .. افتكرت حاجات ياما ..
أنا .. )

قُلت كُل حاجة بسرعة ..
بصوت غير مسموع من العياط غير المُبرر ..

أكرم فضل متصلب في مكانه لحوالي دقيقة ..
وبعدين فاق من الصدمة ..
مسكني وأنا كنت خلاص بدأت أقع ..

شدني جوا شقته ..
حاول يخليني أهدى ..
بس كانت مُهمة صعبة بالنسبة له ..
وبعدها بدقايق قعدني في أقرب كُرسي في شقته ..

أخدت نفسي ..
وسمعت ساعة بتدق 11 مرة !

تمنيت إن الساعة تيجي 12 !
12 زي امبارح كُنت باحاول أرمي نفسي .. في حين أكرم سابني ومشى .

النهارده ..
لمّا تيجي الساعة 12 !
حانام .. حانام فاكر !


يُـــتـــبـــع !
مـــــازن !



        TNT
11/7/2010

10 comments:

  1. T .. :)
    very nice work indeed tarek :)
    ... but maybe I felt the previous ones were little better :S
    Look .. maybe 7asat momkn ykoon ra2yey 3'alt msh 3arfa bs 2na 7asat 2n feh details not important to be mentioned ..
    second,, 2lpart bta3 2l ghost كُنت باطلع فوق السرير وأنزل ..
    كان بيتهيأ لي إني باخترق السرير أصلا !
    ما هو أنا بقيت شبح خلاص !
    what was ur point mn 2ltashbeeh dah ?
    2na 2aratha more than one time bs 2lpart dah msh 7asah important awii ..
    but I liked 2l27dath 2lgdeeeda we tare2tk feha tashweek bgd ..:) :)
    Greaaaaat JOB :)
    I'm so excited :D So.. don't let us wait :D

    ReplyDelete
  2. جزء مني كان حاسس إني كبير .. كبير لدرجة بتطلب مني أوقف حياتي ..
    هو ده الجزء اللي خلاني أحاول أرمي نفسي ..

    أما النُص التاني من عقلي ...
    فهو كان النُص المُعتاد ..
    النُص اللي بيقولي أد ايه أنا صُغير !
    أد ايه أنا جبان ... مش عارف حاجة !
    مُجرد شخص وجوده ملهوش أي معنى !

    وهو ده برضه الجُزء اللي دفعني إني أرمي نفسي ..
    مع اختلاف الدافع طبعًا .. وهو رغبتي في التذكر .. رغبتي في الصدمة !
    that part was really brillaint from you ..3agbny awii ..
    and نهاري مبدأش ... لإن ليلي منتهاش !
    ta3beer gameel 3agbny awiii ..
    we kman 27la 7aga 2nk btst5dm mysterious words zay masln zekrek l2ash5as zay reem y5ly f3ln 2lwa7ed yfkr hya eih 2lly ygbha henak aw masln 2llon 2l2byed 2lly zakrto akt mn mara we 7agat tanya fe 2lstory y5ly 2lwa7ed yfkr kteer fe m3anaha we bkda U make the story more interesting .. BRILLIANT WAY :)

    ReplyDelete
  3. 1st comment :D

    m3diia awi ya tare2 wel nhaia 7lwaa awii w el kessa bt7lw aktr b3d kol mara :D

    marwan sokkar zyada :D

    ReplyDelete
  4. OMG
    ما فيش حاجه تتقال فعلا غير كده
    اكثر من روعه
    جميله جدا جدا
    الى عجبنى اووووووووى

    نهاري مبدأش ... لإن ليلي منتهاش !

    ديه بجد عجبتى اووووووى مش عرفه ليه بس حسيت فيها بمعنى غريب المهم
    وعجبتنى كمان دى

    التصوير البطيء .. كانت عينيا بتفحص المشهد ..
    باحسه ..
    تقدر تشم ريحة العذاب والغُلب اللي الناس فيه ..
    لدرجة إنك متعرفش مين في العربيات دي ؟!
    عساكر ولا مساجين !!

    عجبنى الوصف ده جدا
    طارق بجد بجد تحفه اووووووووووووى

    انا مش هرتاح
    غير لما تعملها قصة ونتشرها
    فعلا تستحق ذلك :D :D

    ReplyDelete
  5. When I was writing my first comment I forgot the most important thing that IS A STORY !!
    I mean You are trying to let us imagine everything by every single detail and that's what make that story so convenient to be a movie :D
    maybe I considered these details not important but after I read it by another way , I found I was wrong that's how it supposed to be detailed
    sorry for my rush in my first comment :S
    maybe at the beginning I considered the details were useless but NOW i see it part of why that episode is really good ..
    Very brilliant job indeed Tarek :) :)
    BTW ,, 2na 3agbny 2lpart dah 3shan carry so deep meaning تقدر تشم ريحة العذاب والغُلب اللي الناس فيه ..
    لدرجة إنك متعرفش مين في العربيات دي ؟!
    عساكر ولا مساجين !!
    leken 2lnas kolha waslha 2l3zab we 2l3'aolb mafeesh 7ad salm mn kda fe masr that's why it shows important political view ..
    Well done indeed ...

    ReplyDelete
  6. boss b2a ya 3m tare2 ana msh 3arfa a2olk ana eh elly 3gbny fl goz2 da blzabt l2n bebsata 3agbny kolo kol goz2ya feh kol wasf kol 7aga
    ezay karart goz2ya mo3yna w wazftha s7, wlma eftkr 7agat w msh 3arf hwa eftkrha ezay w masha kda zy maregleh twadeh te7s eno ensan 2ally bs mash3ro hya elly btwageho ka2n 3a2lo bs hwa elly fakad el zakera enama a7aseso w kol 7eta feh w ro7o manstsh ay 7aga..:)
    i like it awyyyyyyyyy
    yla b2a ana 3yza a3rf hy7sl eh fl a5er 3shan bgd 3agbany awy wenta f kol goz2 btfg2na el sara7a :)
    keep going T ;)

    ReplyDelete
  7. T !!!!!!

    ما شاء الله ..

    بس كده !..

    =D>

    أنا عارفة إن الرد متأخر جدًا بس بجد مش بحب اقرا حاجة من غير تركيز واليومين اللي فاتوا كانوا آخر بهدلة الحمد لله ..
    :S

    ReplyDelete
  8. T Ya T .. !!

    بيييييييييييب ....... فــــــــــلاش بااااااااك !!!
    باعشق أسلوب الفلاش باك .. قلتلك بيفكرني بالغاليين !
    :D :D
    ،،

    تيك توك .. تيك توك

    آآآه، أسلوب الساعات غير عادي برده ..
    عاجبني جداااااااااااااااااا والله

    ،،
    ،،

    من أحلى الجمل اللي قريتها في حياتي ..
    -"نهاري مبدأش ... لإن ليلي منتهاش"
    - "هو كمان راح .. بالضبط زي ذكرياتي كلها .."
    - "بس مش دي المُشكلة ..
    المُشكلة إني مش باعرف أعدي السكة لوحدي !"

    مستر تودد .. حقيقي،
    God Bless U !!

    ،،
    ،،

    بشكل عام الحلقة دي ... مصــدمة إلى حد كبيرررررر

    في انتظار باقي الأجزاء ...
    وكل التوفيـــــق يا رفيق شري العزيز
    !!
    >:-]




    ZiZ Lovett ... :D

    ReplyDelete
  9. nayera said :
    el end me3dya we el fe 7etat el gry we keda ana 7assit eny shyfa kol 7aga ta5ylt kol 7aga .. enta btnmy fekr el atfal we 5aylhom xD shater ya (T) la2 gmda we so7ba ely shklohom msh ty2ino dol shklo kan mosiba :D esm 3ala mosma we kaman gbt esm shdya fel 7war :) 7alw awi WAITING ya T .. tHnx 4 the tag we ady wa7da boby dog eyes o_O

    ReplyDelete
  10. are you real ??!!
    انت بجد ولا وهم ؟؟

    ReplyDelete