Thursday, June 30, 2011

(آي- فُن) - 1- !



* أسيرُ وأتوقف، ثمـ أسير وأدقق في المشهد، حتى أتيقن أن فُرصة إنتقاء (ميكروباص) مُناسب هي فُرصة معدومة وسط زحام الصباح وتلاحم البشر... (ميكروباص) يصل أخيرًا، وأمواج لها أصوات الأقدام تندفع نحوه، بينما أنا في مكاني لا أتحرك... أتذكر ما قاله لي آحد أساتذتي الأفاضل أن أقف في مكاني وانتظر أن يركن أمامي... عن (الميكروباص) كان يتحدث، بدعوة لنا كمراهقين أن نتجنب التدافع والتلاحم والنتائج.

أسرع (الميكروباص) المُرتقب، تبعه السيل... ثم توقف أمامي... فتحت الباب بسهولة، وجاء نصيبي أن أكون إلى جانب السائق... شاب في عمري تقريبًا (22) عامًا، مع فارق الملبس والهندمة، وكونِه سائق (ميكروباص) وكوني في كُلية مرموقة.


* انطلق سريعًا بمُجرد أن أتمّ عملية التعبئة، يُدندن على أغاني الإذاعة المحلية... حتى وصلنا لنُقطة مُعتادة حيث الزحام الأكثر... الطريق سريع -من المُفترض- لكن زحام السيارات يتأجج مع ذهاب الجميع لأعمالِهم ودراستهم في الصباح.
لكن هذه المرة بدا الأمر كأننا لن نتحرك، وكأن أحدًا لن يصل في موعدِه... فتنهد السائق وأزاح يدي المُستندة على عصا السرعات... ثم أخرج من جيبه I-Phone.

نظرتُ له نظرةً طرفية، ولم أقاوم الحرف والكلمة على لساني:
 "I-Phone"... بلكنةٍ إنجليزية مُبهرة لمن يسمعها.

جاء رد السائق الشاب بريئًا.. هزّ رأسه بهدوء وقال: 
"أيوه يا بيه... آي فُن"

أردتُ أن أقول "آي يا قلبي.." بعد نُطقِه للكلمة، كأنه شخص أخنف ينطقُ اللامَ نونًا.

لكني على غير العادة، دققتُُ النظر في الشاشة الصغيرة، لأفاجئ أنه على وشك تصفح الإنترنت.
نظر إليّ نافرًا وقال ببراءة: "Facebook يا جدع... وهو مفيش غيركم اللي بيفتحه"

"لا يا عم مقصدش حاجة والله... بس مش متعود إني أركب مع سواق معاه I-Phone"

صمتٌ إلكترونيّ، وتحرك (الميكروباص) مسافة الشبرين... ثم سألت السائق من باب الفضول وأنا أرى أصابعه تتحرك بسلاسة على شاشة الجهاز:
 "وده جبته منين بقى ؟!"

بدا عليه الشعور بالإهانة كأنني اتهمته بسرقته -وهو المغزى الواضح-، لكنه أجاب بهدوء:
"بـ 50 جنيه من السوق السودا حضرتك... من أيام الثورة..."

"وهي مش حرام الحاجات دي تتباع بالتمن ده ونشتريها ؟!"

"وهو مش حرام مفيش غير اللي راكبين ملاكي هم اللي كانوا بس بيشتروها بتمنها قبل كده"

إجابته كانت عميقة للغاية... لم امتلك لها ردًا مُقنعًا، فسألته:
"وبتعمل ايه على الـ Face ؟!"

"وهم بيعملوا ايه عليه... بنشوفوا الدنيا... وأحوال البلد"

أردت أن أتوقف عن الحوار، لكن سرعته في الرد كانت مُغرية...

"يعني انت زي ما بيقولوا من شباب الثورة وشباب الـ Facebook وكده ؟!"

"ايوه يا بيه.."

رد سلِس وانفتاح لباب (الميكروباص)... غادر أحد الركاب وسط الزحام، واستقل آخر... ثم وصلت الأجرة للسائق... (20 جنيه)... أخذ السائق الورقة، وأراد جمع الباقي للرجل... ولهذا أعطاني ما في يدِه كي أحمله... أعطاني الـ (آي- فُن).

* (صندوق، صفحة رئيسية، أصدقاء، مجموعات، التنبيهات....) وصفحة كاملة من اللغة العربية غير المعتادة على شاشة الـ I- Phone... لم أعرف ماذا أقول... السخرية لن تكون حلاً في هذا الموقف على الإطلاق... دققت في الشاشة... كان يتصفح صفحةٍ ما...

لكنه سحب الجهاز من بين يدي فجأة، وتحدث دون أن أسأله:
"يا باشا"

أكره هذه الكلمة...

"يا باشا... إلا هم ليه دايمًا نازلين تقطيع في السواقين والناس اللي على قد حالهم يعني على الـ Face... مش عاجبكم حاجة انتم يعني..."

"مش كُله والله بيعمل كده... بس انت عارف يعني فيه ناس كده بتحب..."

"بتحب تحلوّ .. صح ؟!"

"صح..."

كلامه كان صحيحًا مائة بالمائة...

(على جنب- اللي جاي- يا أسطى- لو سمحت- ...)

كلمات كثيرة ارتدت على مسامعي، توقف كثيرًا... واخترق الزحام... تحدثنا... حاولت أن أعرف عنه أكثر، لكنه بدا كمن يصد الشخص الجالس بجوارِه... الأجواء كانت حادة قليلاً... الفارق الاجتماعي الثقافي كان واضحًا... بصورة جعلتني أفكر في كلمة (آي- فُن) كثيرًا... أفكر في واحدة من الحقائق التي ذكرها لي... كوننا نميل إلى الطبقية على الرغم من الروح المثالية التي تظهر في التعامل مع أمثالِه من الطبقة البسيطة... هو بالطبع لم يُدرج الأمر بهذه المعاني، إنما قال: 
"انت معلش سعادتك... ناس كتيرة زيك كده بيكونوا جنبنا على نفس الكرسي... بس الكلام ده في (الميكروباص) بس... هم شايفين إنهم دايمًا في الكرسي اللي فوق"

* وصلت أخيرًا... استأذنته في النزول... نظرت نظرة أخيرة على الـ I-Phone الذي يحمل شعار التفاحة المقضومة... أردت أن أعرف أكثر عنه، أن أدقق فيما كان يتصفح، وأن أستمع إلى المزيد من كلماته التي لخصت الكثير ببساطة.

لكني في النهاية غادرت (الميكروباص)... (الميكروباص) كان مُناسبًا تمامًا ومُريحًا، لم أكن لأختار أفضل لو كان الزحام خياليًا.

شيء أخير... خطوة لم أتوقع اتخاذها قبل النزول... ورقة وقلم وحركة سريعة، وكتبت له (بريدي الإلكتروني) وبجملة مُترددة خاطبته:
"ابقــ ـــى ضــيفني عندك.. لو معندكش مانع..."

أخذَ الورقة وابتسم لسببٍ ما... وفي الطريق للكلية المرموقة، فكرت في ذلك الجانب الاجتماعي من شخصيتي، كيف لي أن أرسم له الحدود... بالتأكيد لن أقوم أنا بإضافته على الـ Facebook بنفسي.

(زيك- جنبينا- فوق)
عن الطبقية كان يتحدث.


يُتبع...


TnT
in the House

30 يونيو 2011


Tuesday, June 28, 2011

أحمد سمـيـر !


لم يتوقف فمِها عن الحديثِ... حركة سريعة لشفتيها تُظهرها بمظهرِ من يبتلع الأحرف، في حوارٍ يدور بأكملِه عن (أحمد سمير)... شخصُ تعمل معه -ولا تحب ذلك-... يتضح أنه سليط اللسان، يفتقر إلى ذوقيةِ التعامل مع أمثالِها من الجنسِ اللطيف... ترى أن عمله الوحيد هو التخريب المتواصل لخطواتِها هي وزميلاتها.

"يا بنتي أنا قُلت لك... أحمد سمير مفكر إنه بيعمل الصح علشان الكل، وهو في الآخر حيودينا في داهية"

قالت الجملة لصديقتيها، المُلاصقة لها في المقعد أضافت
بحُرقة: "الندل ابن الندل"

بينما اكتفت الجالسة أمامهما بالإيماء برأسها المُلتفة للخلف... لسببِ ما لم تتحدث بينما يُذكرُ اسم (أحمد سمير) أكثر من خمسين مرة.

"الندل ابن الندل"
أعادت الصديقة جُملتها، واسترخت في المقعد.


ثم خطفت الأولى نظرة سريعة على وجودي في المقعد الخلفي، وبدأ يخفت صوتها تدريجيًا.


* استكملتُ مُراقبتها، وأنا أفكر في (أحمد سمير) خاصتهم، و(أحمد سمير) أنا.

يقولون أن تشابه الأسماء كثيرًا ما يأتي صُدفة... لكن تشابه الأخلاق؟!


لا زال فمِها يتحرك... وشفتيها لها نفس الخطوات.



TnT 
in the House

28 يونياوا 2011

Saturday, June 25, 2011

نعيمًا يا برنس !

مســـ ــــاء الفُل...

بعد شهر من اللا كتابة في المُدونة، وبعد أن نبهني البعض أنا هذا نوع من (الحسد)... أحب أقول (مســـاء الفُل)... وهي التحية المُناسبة لنوع وعنوان الحكاية القادمة...

* من الآخر... أنا مش ناوي أتكلم عن شعري الغالي المتربي لمدة 10 شهور... لإن كومنتات حكايات الشعر دي طويلة..حكايات بتثبت أد أيه المُدونة دي ليها حق يكون اسمها (خليك في حالك)...حكايات ومواقف كلها تندرج تحت بند ( 5 ×7) على أبوه يعني !!

فكفاية إن الناس اللي كانت بتتريق على شعري وهو طويل.. اتريقوا عليه لما حلقته... هعع !

ما علينا... المواقف دي ليها مرة تانية ان شاء الله
The Hair Affair ... وعليكم خير كده في  
اللي بتبدأ من كومنتات زي (شبه القُنفد) و(أجنبي)... ولغاية (اتش دبور) !


* أما الحكاية اللي جاية ظريفة اوي... 
أنا رُحت حلقت من كام يوم !

دخلت عند الحلاق اللي بقالي 10 شهور مرحتلهوش.. وأنا متوقع إنه افتكرني ميت أو ضعت في الثورة ولا حاجة !
وفعلاً... الراجل معرفنيش... والراجل اللي شغال معاه كمان معرفنيش!

المهم قعدت واستنيت شوية، وبدأ يشبه عليا ... وقال لي/

"ايـــــيه يا بني... انت كنت مسافر ولا ايه؟!"

- لأ يا عم ... متخافش .. مرحتش عند حد تاني... عيب عليك !!

* المهم... الاتفاق كان إنه يرجع لي شعري ورا 3 شهور بس !
اهو يعني الواحد يكون شكله مترتب شوية ^ ^

وفعلا بدأ العميلة بدقة شديدة... ولأول مرة ميحلقليش بمقص الحشائش، ولا ماكينة جزّ الحشائش برضه !!


وبعد ما المفروض إني صغرت 3 شهور... ووأنا أدام المراية...

::1st Thought::
 Justin Bieber !! 
Don't Expect a pic xD

قلت له/ "لا يا عم ... ما تبحبح ايدك شوية.. خِفّ شوية من ورا ومن الجناب"
- بُناء على نصيحة أحدهم -

* والحلاق ما صدق... وعينك ما تشوف إلا النور ... وأنا عمّال أتحول !


2 ::nd Thought::
Javier Bardem in No Country For Old Men





:: 3rd Thought::
سوّاق توك توك !!

 وبعد فترة زمنية لا بأس بها. تخللها وجود أحد المُنتظرين عند الحلاق... وصحابه داخلين... قاموا شافوني.. قالوا لصاحبهم / "يا عم ده انت لسه أدامك ساعة !!"


وانتهى الأمر... بحلاقة جُهنمية..
رجعتني 7 شهور بالذاكرة بدلاً من 3 !!


ولأول مرة في الـ 11 سنة اللي كنت باحلق فيهم عند الحلاق -ده إحنا كبرنا سوا-
الراجل قال لي/

"نعيمـــًا يـــا بِـــرنس !!... متبقاش تغيب علينا..."



وعُدتُ سالمًا إلى المنزل...  "
أتفحصُ في مرآى الشخصِ الواقفِ أمامي،
الشخصُ المحصورُ وحيدًا في المرآة...
أتذكرُ رؤياه في ليلة يتجسد كما يعتاد...

ثُم تأكلني الحسرة وأغني/
 " "أنا مش عارفني... أنا تُهت مني... أنا مش أنا " !!


*ملحوظة// لو شفتني، وحاولت تقولي (يا برنس)... ساعتها لازم ترجع لعنوان البلوج !


TNT
 in The Town

25 يـونـــيوــاا  2011 !!