حكاية مُصيبة !
| الحلقة العاشرة (10) |
"مـروان بتاع زمـان ! "
الساعة كانت سبعة الصُبح ...
والجو لسه فيه برودة من أواخر الفجر ..
لكن الهوا البارد وشمس الصيف كان ليهم تأثير غاية في الانتعاش ..
نزلنا أنا وأكرم من بيتي ..
أكرم كان عندي من 6 ونص الصبح ..
وفضلنا مستنين لغاية ما سمر زمرت لنا بالعربية ..
كانت راكنة عند بيتها، ومُستعدة علشان توصلنا لموقف أتوبيسات السفر ..
مشينا الخطوتين من بيتي لبيتها، وأنا حاسس إني بدأت رحلتي فعلاً
للوصول للعاصمة علشان نقابلوا أكرم.. والله أعلم ممكن نشوف ايه كمان !
عدلت شنطتي الهاند باج الصغيرة ...
وبالايد التانية أتأكدت إن شعري مش منكوش أو حاجة ..
كُنت عاوز أظهر زي زمان ... زي زمان أوي ..
لمّا كُنت بأكتفي بنظرة واحدة مني لسمر ..
وهي ترُد عليا بنظرة تانية .. نظرة قوية مليانة بالثقة والحُب !
كُنا بنحكي حكايات كتير عننا من خلال النظرتين دول !
بصيت لسمر بمجرد ما وصلت عند العربية ..
لكن للأسف هي مبصتليش ..
مكنتش قادر أعرف السبب.. يا ترى هي متضايقة علشان حركة طيراني بالموتوسيكل ..
وخليتها ترجع بعربيتها ومعاها أكرم !
ولا يمكن تكون بتشفق على حالي، واللي بدأ امبارح في شقة قديمة عجيبة !
ومرّ برحلة طويلة على الموتوسيكل ... وانتهى بقرار سفر مُفاجيء للعاصمة !
هي أكيد بتشفق عليّا ..
لأ مش عارف .. سمر شخصية طول عمرها غامضة ..
واثقة أه .. بس غامضة برضه ..
جميلة .. وغامضة ..
قوية وغامضة ..
غامضة بس باحبها !
للأسف لسه باحبها .. بالرغم من إن حاجات كتير حالت ما بيني وما بينها
وأدت في النهاية لإنهاء علاقتنا ببعض !
"مااازن!"
الاسم رنّ في وداني .. زي ما يكون صوت مُزعج !
كان أكرم هو اللي بيناديني ..
أخدت بالي إني في واحدة من لحظات سرحاني الاعتيادية ..
كُنت واقف جنب شباك سمر ..
سرحان في شعرها الأسود الطويل ..
( اييه ؟ )
رديت على أكرم ببلاهة ..
واخدت بالي من نظرته اللي بيفحصني بيها ..
أكيد كان بيبص على القميص ..
أنا كنت نازل بتي شيرت أبيض ..
مش أي تي شيريت .. ده تي شيرتي الأبيض المُفضل ..
لكن أكرم بمجرد ما شافني الصبح وأنا لابسه ..
قال لي / "ايه اللي انت لابسه ده ؟"
وقام فتح لدولاب بتاعي وطلع القميص الأزرق ده وخلاني ألبسه عليه ..
وهو بيفكرني بنبرة لم تخلُ من العصبية / "انت نسيت ولا ايه ؟! .. احنا رايحين العاصمة !! "
وكانت النتيجة إني واقف مكاني وأنا لابس القميص فوق التي شيرت ..
"اركب يا مازن !! "
أكرم نبهني .. كان بيحب يستخدم الاسم اللي مش باحبه لما أكون مُشتت ومش مركز معاه !
وللأسف كنت دايمًا بانتبه !
فتحت باب العربية وركبت ..
أكرم ركب جنبي ..
حط شنطته جنب شنطتي ..
وسمر دوّرت العربية ..
وانطلقت في صمت ..
وأنا مُتأكد إني سمعت صوت عياطها مع صوت الموتور !
لكن مكانش ممكن أعرف ..
لإنها كانت لابسة نضارتها المعتادة ..
واللي كنت دايما باسرح فيها .. زي شعرها !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
وصلنا موقف الاتوبيسات حوالي الساعة 8 ...
لإنه كان في الجانب الآخر من المدينة ..
والمفترض إننا بعد شوية نحجز ونبدأ رحلتنا للعاصمة ..
لكن بالنسبة لي أنا .. الرحلة ابتدت بمرجد ما سبت بيتنا ..
بمجرد ما ركبت العربية مع سمر واللي متكلمتش نص كلمة طول الطريق ..
لدرجة خليتني أكتفي بمراقبة الشوارع والعربيات والطُرق الطويلة اللي اخدناها ..
والبحر والكورنيش، والبشر اللي رايحين أشغالهم الصبح ..
وحتى زحمة الشوارع الصباحية ..
كل حاجة كنت باطبعها في ذهني .. زي ما أكون مسافر ومش راجع تاني ..
أصل العاصمة في بلادنا متعرفش أبدًا لو كنت حتخرج منها سليم ولا لأ !
- نزلنا من العربية .. أنا وأكرم ..
وسمر بصت لي من ورا نضارتها ..
وقالت / "خلي بالكم ! "
وبعدين شاورت بايدها فوق مستوى نظري ..
ابتسمت لها وحركت ايدي في جنبي ببراءة ..
وبعدها لفيت ولقيت أكرم مبتسم لها هي كمان وبيشاور لها !
اتحركت بتلقائية كإني مشفتش حاجة ..
هو أصلا مفيش حاجة ..
وكل اللي حصل في الفترة اللي فاتت ده ..
كان مجرد أوهام واحد فاقد للذاكرة كان بيشوفها ..
يا ترى الأوهام دي اتحولت لحقيقة ولا ايه ؟!
ولا هي أصلا حقيقة !!؟!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
- أكرم حجز لنا تذكرتين في أول أتوبيس رايح العاصمة ..
واللي كان حيتحرك الساعة 9 .. يعني كمان ساعة من دلوقت ..
وعلشان كده قررت أقعد على الرصيف ..
رميت شنطتي جنبي ..
في حين أكرم فضل يتمشى ..
أدامي شوية .. ورايا شوية ..
ويقعد جنبي شوية ..
واحنا الاتنين بندقق في أفواج البشر اللي مستنية عند المحطة ...
كانوا ناس كتير ..
جميع الأشكال والأحجام .. رجالة .. ستات .. شباب ..
ناس معاهم شنط صغيرة زيي أنا وأكرم ..
وغيرهم بشنط سفر ضخمة ..
وناس تانية معهاش حاجة تانية غير هدومهم اللي لابسينها ..
ولا حتى معاهم ضميرهم ..
لإن ضميرهم مش محتاجينه هناك في العاصمة ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
أخيرا ركبنا الأتوبيس ..
وبدأ يتحرك ..
بدأ رحلته اللي من المُفترض إنها تستمر من 3 ل 4 ساعات تقريبًا !
ولسوء حظنا ..
أنا وأكرم مكُناش قاعدين جنب بعض ..
كان قاعد ورايا !
حاجة غريبة فعلا .. ايه التقسيمة دي !
بس هو ده امتوقع .. ما هو حال البلد من ناحية النظام في الرايح ..
أنا كان قاعد جنبي شخص غريب كده ..
وواضح إن صاحبه هو الشخص اللي قاعد جنب أكرم !
طيب .. يمكن ننجح في عمل صفقة تبادل .. ونبدل الأماكن ..
ويبقى زيتنا في دقيقنا .. وكلواحد يقعد جنب صاحبه !
بس الشخص اللي جنب أكرم ..
نام بعد نُص ساعة من بداية الرحلة ..
نام .. وشخّر كمان !
الله يكون في عونك يا أكرم !
أما أنا فحطيت سماعات الأيبود في وداني ..
وشربت شوية مياه من ازازتي ..
وفضلت أتأمل في الناس ..
الوجوه معادتش زي زمان ..
ولا حتى زي ما كنت باشوفها أيام ما كنت فاقد الذاكرة ..
الوجوه هنا مُختلفة ..
هنا بالذات .. جوا الأتوبيس الكبير الواسع ..
اللي شايل جواه حوالي 60 بني أدم !
وبيتحرك بيهم على طُرق من جميع الأنواع ..
ساحلية ..
ريفية ..
وصحراوية !
الوجوه هنا مختلفة ..
لإن بغض النظر عن مشاكلهم وهمومهم المعتادة ..
فكل واحد ناعي همّ وصوله للعاصمة وخروجه منها !
لكن تقدر تميّز بعض الناس الأقل توتر ..
دول يا إما أصلا من سكان العاصمة، ونفسهم ميرجعوش ..
يا إما حكومة .. وبتراقب الأحوال ..
- الشخص اللي جنبي نام بعد شوية من بداية الرحلة ..
بعد ما قطعنا الطريق الساحلي اللي من بواقي مدينتنا ..
ودخلنا للطريق الريفي بألوانه الخضرا وكائناته الحية ..
لكن الطريق الريفي كان قصير جدًا ..
أما الطريق الصحراوي اللي دخلنا فيه ..
فهو كان الأطول ..
طريق طويل من كُثبان رملية رهيبة ..
وبيوت بسيطة لبدو وغيرهم ..
وأماكن كتيرة سودا .. زي ما تكون محروقة ..
ده لو مكانتش الرمال فيها باللون ده !
ما هو ده لون بلدنا المُفضل ..
حسيت باشتياق للوني الأبيض ..
كان عندي رغبة في قلع القميص اللي أنا لابسه ..
وإني أكشف عن التي شيرت الأبيض بكل فخر !
فهو ده اللون اللي بأنتمي له !
لكني أفتكرت أكرم اللي قاعد ورايا .. واللي غالبًا نايم حاليًا ..
وبالرغم من غيرتي الغبية منه في الوقت الحالي ..
إلا إني قررت التزام الهدوء ..
لغاية ما الأتوبيس ركن ركنة غبية ..
كُنا وصلنا للريست هاوس في منتصف الطريق الصحراوي الطويل ..
والناس اللي بتقرأ جرايد بدأت تنتبه ..
واللي نايم بدأ يصحى ..
واللي بيشخر فاق من أحلامه ..
واللي نايم وهو لازق في الشباك زي الشخص اللي جنبي ..
فاق على سهوة لما اتخبط في الازاز !
أما أنا فشلت السماعات من وداني ..
وحطيت الأيبود في الشنطة من غير ما أقفله !
لإني أصلا مكنتش مشغله !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
نزلنا الريست ..
وشربنا قهوة أنا وأكرم ..
وبعدها رجعنا الأتوبيس تاني ..
واستكملنا رحلتنا ..
للأسف الشخص اللي قاعد جنبي كان لسه نايم ..
وتقريبا هو الوحيد اللي منزلش في الريست ..
كان فاضل حوالي ساعة ونص علشان نوصل ..
أنا عرفت ده من بداية تحول الأجواء لأجواء أكثر كآبة ..
حتى التكييف بدأ يقل .. ويكتم على نفسي ..
وده بس لغاية ما الشخص اللي جنبي فاق !
كان قمة في قلة الذوق ..
بدأ يتمطع ويتاوب زي ما يكون في سرير بيتهم !
وبعدين لقيت ايد اتمدت عليه من ورا ..
وخطبت على كتفه .. وصوت قال له / "صبّح ! "
كان واضح إنه صاحبه ..
واللي فضل يتكلم معاه في حوارات جانبية أو بالأصح أمامية ..
كانوا مُزعجين بشكل غريب ..
لكني استحملت ...
وده لغاية ما وصلنا بوابة العاصمة ..
بعد الرحلة الأكثر صمتًا ومللاً في حياتي كلها ..
الأتوبيس تم تفتيشه بالكامل من خلال بعض الضباط والعساكر عند بوابة العاصمة ..
زي ما نكون مهاجرين مش مسافرين في مجرد رحلة ..
- نزلنا من الأتوبيس ..
وبدأنا رحلة جديدة في جو حار جدًا ..
جو مختلف عن مدينتنا بهواها البحري ..
ركبنا تاكسي ..
أكرم كان عارف عنوان شركة مروان الجديدة !
أصل مروان صاحبنا مُحاسب كبير بالرغم من سنة الصغير ..
أي نعم والده ساعده إلى حدٍ ما في بداية حياته المهنية ..
لكنه فعلا بذل مجهود وقدم أفكار تستحق ..
وكان عنده شركة في العاصمة لكنه صفااها قبل الحادثة ..
وأكرم قال لي إنه عمل شركة جديدة قريبة من بيت أهله في العاصمة ..
لكن أكرم وقف التاكسي عند كافيه كبير في شارع نضيف من شوارع العاصمة ..
ونزلنا وقعدنا بنظراتي المستغربة ..
سألته / (احنا بنعمل ايه هنا ؟!)
أكرد رد عليا / " استنى حتشوف .. أنا محضر لك مُفاجآة ! "
بصت له بتوتر .. وأنا خايف من مُفاجآته العجيبة دي ..
أصل أكرم ده شخصية غير مُتوقعة .. متعرفش هو ممكن يعمل لك ايه أبدًا ..
عدت حوالي نص ساعة .. شربنا فيها قهوة تاني مرة النهارده ..
وبعدها قررت أتكلم مع أكرم شوية ..
( هو أنت عطيت خبر لمروان إننا جايين ؟!)
"وهو أنا لحقت ؟ .. انت يا دوبك قررت تسافر امبارح !! "
"مكانش فيه وقت أقوله !! "
( أحسن أحسن .. خليها مُفاجاة .. أما نشوف رد فعله حيكون ايه ! )
قلت لأكرم الجملة وأنا باحاول استدرجه في الحوار ..
راح رادد عليا / " أمممم .. بس .. أصل .. مروان مش بيحب المفاجآت .. لو فاكر يعني ! "
حسيت بنوع من الإهانة المقصودة في كلمتة الأخرانية ..
فرديت عليه بتهكم / (معلش بقى .. أنت عارفني .. أنا راجل مشغول ! )
ابتسم ابتسامة واسعة ..
ولاحظت شبح ابتسامة قديمة بيحاول يظهر على وشه ..
ابتسامة جامحة كانت بتميز أكرم .. مع ضحكة عالية ..
ولسان طويل كان مشهور بيه أيام الجامعة وما بعدها !
" أحب أعرف سيادتك مشغول في ايه .. يا ترى ايه على جدول أعمالك ؟!"
رد عليا والابتسامة لسه على وشه !
جاوبته / ( اه ه ه .. خليني أشوف ..
امبارح .. أروح الشقة وأهرب بموتوسيكل ..
النهارده .. أروح لصاحبي اللي كان معايا في الحادثة .. على أمل إنه ميكونش في غيبوبة ! ..
وبكره .. أقابل أبويا اللي أنا تقريبًا دخلته السجن بنفسي !! )
أكرم ضحك بهيستيريا ..
لدرجة خلتني أضحك معاه أنا كمان ..
وحسيت إني مفتقد صاحبي القديم ..
فضل يضحك .. لغاية ما عربية شيك ركنت أدام الكافيه ..
ونزلت منها بنت صغيرة عندها حوالي 14 أو 15 سنة ..
كانت مسيبة شعرها اللي بيلمع ..
ما عدا شوية منه كانت جايباهم على وشها ..
ولابسة شيميز أزرق وبنطلون أسود ..
ونضارة شمس لونها أسود في أحمر !
نزلت من العربية ومشت ناحية الكافيه ..
مشت بثقة ..
من غير ما يمهما أي شخص بيبص لها ..
وبمجرد ما دخلت الكافيه ..
حسيت بكم كبير من مشاعر ايجابية بتبثه في المكان ..
كانت بتشعل السعادة في نفس أي شخص بتعدي من جنبه .
وقفت أدامي ..
وشالت النضارة وبصت لي بعيون بريئة ..
قلت لها وأنا باقوم أقف بعد ما بصيت بصة سريعة
على أكرم كنوع من الشكر على المفاجآة غير المتوقعة ..
( ريم !! )
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
" مُزز يا مُزز "
كانت كل شوية بتقول لي الاسم ده .
كنوع من الدلع يعني ..
أما أنا فكنت مبسوط جدًا إني شفت ريم مرة تانية ..
والمرة دي طبعًا انا فاكر كل حاجة .. المفروض يعني ..
قعدنا نتكلم عن أيام زمان ..
وعن الحكايات اللي كنت باحكيها لها وهي صغيرة ..
وهي نفسها الحكايات اللي كانت ماما بتحكيها لي وأنا صغير ..
وهزرنا شوية مع أكرم ..
واتكلمنا عن سمر ومروان ..
وحكيت لها عن الشقة والحادثة التانية اللي تسببت في إني افتكر كل حاجة ..
و .. و ... و... وحاجات تانية كتيرة ..
فضلنا قاعدين حوالي ساعتين مع ريم ..
لغاية ما الساعة بقت اتنين تقريبًا ..
ريم/ " أعتقد انت لازم تروح لمروان دلوقت .. علشان تلحقوه قبل ما يمشي ..
وابقى سلم لي عليه !! "
ضحكت .. وقمت وسلمت على ريم ..
وفضلت مراقبها وهي بتركب العربية اللي بالسواق ..
أهل ريم أغنياء جدًا .. بس مش أغنى من أبونا ..
وعلشان كده ريم عندها عربية بالسواق .. بتوديها وتجيبها في أي وقت ..
وكمان أنا عارف إن أهلها مش بيحبوني ..
يعني هي غالبًا جاية من وراهم .. وجاية على سهوة ..
لإن أكرم أكيد قالها امبارح بالليل إننا نازلين العاصمة ..
- فضلنا ماشيين شوية لغاية ما وصلنا مبنى ضخم كده ..
دخلناه .. وأكرم سأل واحد من الأمن اللي فيه /
" شركة الأستاذ مروان فين لو سمحت ؟ "
وبعدها ركبنا الأسانسير ..
وطلعنا الدور السادس ..
كان واضح إن الموظفين في الشركة المتواضعة كانوا خلاص مشوا ..
ده حتى مكانش فيه سكرتيرة في الاستقبال ..
لكن مكتب مروان اللي مكتوب عليه اسمه ..
كان منوّر في الركن اليمين ..
يعني غالبًا هو موجود جوا ..
لقيت نفسي رايح على المكتب تلقائيًا ..
خبطت ..
وأكرم بيشدني ..
وبيقول / "بتعمل ايه يا مجنون " ..
لكني مردتش عليه .. لإن صوت هادي بنبرة ثابتة جاوب على خبطتي /
"أدخل !! "
كان صوت مروان ..
أكرم شدني ..
ولما لقاني بأبعد عنه وبافتح الباب ..
قام زاققني وقال لي / " طب أدخل لوحدك بقى !! "
استغربت من موقفه العيالي ده ..
وفتحت الباب ..
ودخلت ..
مروان أول ما شافني متحركش ..
وفضل كده لغاية قبل ما أسيبه !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
مكانش مروان اللي توقعت إني حاشوفه ..
شكله كان متغير ..
شعره الطويل الناعم كان قصير ومش مرتب ..
كمان كان لابس نضارة نظر .. ودي حاجة لأول مرة يعملها ..
وملامحه القوية الثابتة اختفت بمجرد دخولي عنده ..
كان فيه ذعر غريب باين عليه ..
زي ما يكون شاف عفريت !!
قعد يتلجلج في الكلام وهو بيقول لي /
"مااا . مازن .. مااازن .. مااااازن !! "
وطوّل اوي في اخر مازن دي !!
بصت له باستغراب ..
لعينيه اللي على وشك الخروج من النضارة ..
ولبسه الهاف فورماال ..
كان لابس قميص وعليه جاكت بدلة ومن غير كرافتة ..
واستنتجت إنه لابس بنطولن جينز ..
لإنه ماكنش بيحب اللبس الرسمي ..
بس .. بس مروان مقامش وقف يسلم عليا !!
استغربت جدًا من موقفه ده .. وحسيت إنه مش عاوز يشوفني ..
وإن صدمته دي ما هي إلا عدم رغبة في تواجدي !
- بنفس النظرة المصدومة .. مروان شاور لي علشان أقعد على كرسي من كراسي مكتبه..
وفعلا .. مشيت الخطوتين لغاية المكتب وأنا مُتشكك في اللي أنا حاسمعه بعد شوية ..
يا ترى مروان حيقول لي حقيقة الحادثة ..
ولا يا ترى مشواري للعاصمة حيكون زي قلته ..
قعدت على الكرسي ..
مروان بدأ وصلته المترددة / "مااازن .. أنت .. أنت ؟!"
(فُقت ؟)
قطعت كلامه ..
" أنا عارف إنك فقت . أنا أقصد أنت ... ؟"
(افتكرت ؟ )
قطعت كلامه للمرة التانية ..
هزّ دماغه بالموافقة على كلمتي الأخيرة ..
وبعدها قال وهو بيبلع ريقه / " انت كويس دلوقت يعني ؟ .. حمد الله على السلامة .. "
( الحمد لله .. انت عامل ايه ؟ .. شكلك اتغير جدًا .. )
" اها .. الناس بتتغير بقى .. انت عارف اكيد !! "
هزيت دماغي ..
وقررت إني أدخل في الموضوع على طول .. يمكن يكون فيه حاجة حصلت ما بيني وما بين مروان خلت علاقتنا وحشة .. والحاجة دي مهما كانت فأنا مش قادر افتكرها !
( مروان .. أنا جاي علشان عاوز أعرف منك أي حاجة عن الحادثة اللي حصلت لي .. )
( أكرم قال لي إنك الشخص الوحيد اللي كنت معايا في الحادثة .. )
ضحك ضحكة استنكار .. زي ما يكون بيكدب كلامي ..
وبعدها قال / " وانت لسه عاوز تفتح ملفات قديمة ؟؟ ! "
كان فيه نبرة أسى في كلامه ..
( أممم .. ملفات قديمة .. أنا عاوز افتكر يا مروان .. )
رديت عليه بتحفز ..
" وهو مش أنت افتكرت ؟"
سألني بذكاء مُصطنع ترجمته أنا على إنه سخافة !
( اها .. افتكرت .. كل حاجة .. إلا الحادثة .. )
" أنا مش عاوز أفتكر الحادثة .. صدقني يا مازن .. يُفضل إني مش افتكرها ..
أنا خلاص تجاوزت المرحلة دي من حياتي .. وعديت من عليها .. في حين إنت كنت في الغيبوبة .. "
( يا فرحتي .. وأنا في الغيبوبة .. استفدت أنا ايه كده ؟! )
رديت عليه وأنا باحاول أحافظ على هدوء أعصابي بقدر الإمكان ..
" استفدت . استفدت إني سامحتك !! "
رد مروان عليا وهو بدأ يفقد أعصابه ..
الكلمة نزلت عليا كالصاعقة . سامحني .. دي لها معنى واحد بس !!
( سامحتني ازاي .. ؟!)
"مش مهم ازاي .. مش مهم .. مش لازم تعرف .. "
قالها وهو بدأ يهدى .. وضرب بايده على المكتب ..
قلت له وأنا بارجع بضهري لورا وباحاول اتنفس واتوقع الكلام اللي جاي ..
( مروان .. مروان بتاع زمان ..كان حيقولي على كل حاجة .. كان حيفهمني ) !
" هه .. للأسف مروان بتاع زمان .. مبقاش موجود دلوقت .. بعد كل اللي حصل .. "
رد عليا بحزن !
( على الأقل قولي ازاي يعني تسامحني ؟!؟! )
زعقت فيه وأنا خلاص مش قادر أتمالك أعصابي .. في حين جت في مخيلتي صورة أكرم وهو بيسمعنا من ورا الباب !!
" أنت السبب في الحادثة !! "
مروان قالها أخيرًا زي ما يكون بيقول سر عائلي رهيب ..
الصاعقة التانية .. يا فرحتي ..
" مش انت بالضبط . أفعالك هي اللي أخدتنا للحادثة دي ..!! "
كمّل كلامه كنوع من الاحتراس ..
( أنا .. !! )
بدأت أتاتأ .. لكن مروان قطع كلامي ..
" الحادثة .. لمّا الحكومة .. لمّا إسماعيل بالتحديد .. عرفوا عن العملية اللي أنت ناوي تعملها ..
وإنك ناوي تهاجم القسم .. وإن الحركة بتاعتك ناوية تتوسع وتنادي بحقوق أكتر في البلد ..
قرروا أنهم يوقفوك بنفسهم .. وطاردوك بالعربيات لغاية ما انتهى الامر بيك في غيوبوبة ..
بس كده يا سيدي .. ولسوء الحظ .. أنا الوحيد اللي كنت معاك في العربية .. !! .. وعلشان كده أنا مش.. عاوز .. أفتكرها !! "
قال آخر 3 كلمات بعنف .. وهو بيترجاني إني أسكت !!
بصت له .. وأخدت نفس عميق .. وقلت له ..
(بالبساطة دي .. وأنا ازاي اكون السبب في كل ده برضه .. علشان خططت لحاجة .
والحاجة دي انت كنت مستعد تشاركني في تنفيذها !! )
" لأ .. علشان قالوا بعد كده إنك كنت تحت تأثير مُخدر وانت سايق ..
والله أعلم ده صح ولا لأ !! "
الصدمة التالتة !! يا فرحتي !!! يا فرحتي ..
مكنتش عارف أقول ايه دلوقت .. يا رتى ده بجد ... كنت محتاج أي حد جنبي دلوقت ..
أي حد جنبي غير مروان ..
محتاج أكرم .. أو ريم .. أو حتى سمر !!
قررت ألجأ للهجوم بدل الدفاع ..
( وفي النهاية الأمر انتهى بيا في غيبوبة لمدة شهور .. وانت في الشهور دي كنت بتعمل ايه ..
بتحاول تسامحني .. يا سلام !! )
مروان اتعصب جامد .. ووشه بدأ يحمر مع اختلاطه بملامح حزن عميقة ..
وفجأة قام وقف وهو ساند بايد على المكتب ..
وايد تانية بتدور في الفراغ ما بين المكتب والأرض ..
وهو بيقول / " ... لأ . .مش بس كده .. اه انت في غيبوبة .. لكنك انتهيت سليم .. واديك قاعد ادمي .. فاكر .. جاحد .. مصمم إنك تفكرني .. ومش عاجبك مروان بتاع دلوقت ..
وزي العبيط عاوز مروان بتاع زمان .. بس مروان بتاع زمان مش موجود يا سي مازن .. وانت السبب .. ايوه انت السبب "
قال آخر كلمات في نفس اللحظة اللي ايده مسكت فيها عصايا من تحت المكتب ..
وسند بيها على الأرض وصلب طوله !!
حسيت برعشة مُفاجئة جوايا ..
وانهيار رهيب لكل حاجة حلوة بدأت احسها في الفترة اللي فاتت ..
مروان كان واقف بُعكاز .. وواضح جدًا ازاي شبابه تحطم في الحادثة ..
والحكاية كانت واضحة جدًا .. مش محتاجة أي تفسير منه تاني ..
أيوه انا السبب ..
" والشهور اللي انت مكنتش فيها فايق .. انا كنت باحاول افكر ازاي اقدر اسامحك ..
ونجحت في كده .. علشان كده .. ارجوك امشي دلوقت ... قبل ما كل حاجة حلوة كانت ما بيننا حتنتهي للأبد .. !! "
مشيت ناحية الباب ..
وأنا بابص لصاحبي اللي اتحول لشخص بيكرهني .. وله الحق في كده ..
أنا اللي قدته بتهوري وأفكاري العجيبة لكل كده ..
أنا اللي جلبت علينا الحادثة ..
ومش بعيد أصلا لو كنت انا اللي سببتها فعلا .. ده لو حكاية المخدر دي صح ..
كنت عاوز أخرج من هنا ..
فتحت باب المكتب جامد ..
لقيت أكرم واقف زي ما سبته .. وواضح إنه بيسمع ..
بص بصة بعيدة على مروان ..
واتصدم هو كمان ..
أما أنا فطلعت أجري ..
نزلت السلالم كلها جري ..
حسيت إني مش طايق أي حاجة ..
وإني عاوز أرجع تاني .. أي حتة غير العاصمة !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الأجواء كانت قذرة ..
دخان .. زحام ..
كل حاجة كانت بتزداد سواد في نظري ..
وكل أملي هو إني أخرج من هنا ..
اضطريت إني استنى 3 ساعات لغاية ما أتوبيس العودة بدأ يتحرك بينا ..
والناس تقريبا زي الناس ..
لدرجة إني شفت نفس الشخص اللي كان قاعد جنبي واحنا رايحين ..
كان معانا في نفس الاتوبيس .. بس بعيد عني ..
وده أفضل له .. أنا كنت على أتم الاستعداد للتحول في أي لحظة ..
ما هو خلاص معادتش تفرق !!
فضلت أفكر طول الطريق ..
وأكرم حاطط ايده على ايدي كنوع من التهدئة ..
فضلت أفكر ..
في الحركة .. في الأبيض ..
ازاي فكرة بسيطة .. متهورة أه .. بس بسيطة .. على الأقل بالنسبة لي ..
هي اللي أودت بيا لغيبوبة دامت شهور ..
والشهور دي كان ممكن نعمل فيها تغيير ..
بدل ما الحال رجع لوّرا من جديد !!
قلت لنفسي / ( لازم أعمل حاجة .. )
في نفس اللحظة اللي الأتوبيس غادر فيها بوابة العاصمة ..
وبدأت أشم ريحة هوا البحر من على بعد أميال !
كل شيء لازم يتغير ..
يمكن في يوم أكفر عن أي حاجة عملتها غلط في حق حد ..
في حق سمر .. في حق مروان ..
يمكن مروان يرجع في يوم .. ويسامحني فعلا من قلبه ..
وأسامخ أنا نفسي ..
يمكن مروان يرجع مروان بتاع زمان ..
قمت وقفت في وسط الأتوبيس ..
حسيت بنظرات الناس متوجهة ناحيتي ..
ونظرات فزع من أكرم !!
قلعت القميص الأزرق اللي كنت لابسه ..
مش من الحر ..
لكن من الرغبة ..
وكشفت عن التي شيرت الأبيض اللي لابسه ..
في حين كل الركاب في الأتوبيس شهقوا في مواجهة اللون المُحرم ..
اللون الثوري ..
فكرت / ( لازم يتعودوا على كده من جديد !!)
كان فيه نظرات فزع .. خوف .. ونظرات تانية بتلمع إما من ناس عندهم استعداد للون من جديد .. يا إما من ناس على أتم الاستعداد للتبليغ عن التي شيرت بتاعي ..
مش قلت لكم التي شيرت ده مش أي تي شيرت ..
أبيض وعليه حرف W بلون أحمر .. حرف W كبير هو شعار حركتنا ..
هو ده تي شيرتي المُفضل ..
مروان كان جايبه لي في عيد ميلادي قبل كده !!
مروان بتاع زمان !!
يُـــتـــبـــع !
مـــــازن !
TNT
25/7/2010
إهداء إلى M. 7anafy
:D .. من أوحى لي بشخصية مروان !!
7elw awiiiiiiiiiii ya tarek bas ra3i ela5ta2 el2mela2ia
ReplyDeletebas amazing w ebtadena fil gad w mafeesh de7k la2 where is ur sense of humor!!!!!!!!!!
w hwa mn emta el lon el abyad sawryw mo7aram???? dah so2al bgd
no comment
ReplyDeletebgad
no comment
tarek bgd rahiiiiiiiiiiiba
ReplyDelete3agabny awi mrwan :D :D
إهداء إلى M. 7anafy
:D .. من أوحى لي بشخصية مروان !!
thaaaaaaaaaaaaaaaaaaanx :D :D
thumbs up for u MOSEEBA brilliant . first of all in part 9 i really liked the way u dealed with amro situation cauze u described his character n his body's features through the situatuion itself may be it is a weird opinion of me bs i like the condensed discription . second of all i m not used to reding stories t2rebn el 3ssar was my first one but u made me excited to read stories if they r at the same quality of urs :D ur talent is that u r not just telling or writing the stories but u r directing them like a movie where i can see the whole crew n the location of shooting:D THANX FOR SHARING Nada Saad
ReplyDeletenayera said :
ReplyDeletetareeeeeeeeeeeeek gbara bgad bgad gbara bkol 7aga fiha bgad mn awl la7za l2a5er klma ana 7assit kol 7aga shoft kol 7aga .. ana bgad shyfa anha gbara ya tarek dy the best bel nsbaly hya el best ana mestnya el tnya we nazlha bsr3a 3ayza marwan bta3 zaman yrga3 fel kessa we el 7a2i2a xD :D:D:D we shokr lmarwan 3ashan aw7lak el sh5ssya rabena y5liholna ya rab gamda aawi awi awi ya (T) we thnx 3ashan reem zahrt ;;) we wa7da body dog eyes o_O
ياااااااااااااااة
ReplyDeleteكفارة يا تى ....شليت انفاسنا عقبال مانشرت البارت دا
انا كنت هتجنن الاسبوع اللى فات كلة
حرام عليك دا انا كنت بحلم انك كتبته واتنشر
..............
بجد بجد انت ملكش حل كل البارت تحفة كل حاجة فية اكتر من رائعة
اسلوبك كل مرة بيبقى ملوش حل
كل حاجة بنشوفها قدامنا وبنحس بيها
اكتر حاجة عجبتنى نظرات سمر ..دايما بقعد افكر فيها كتير عشان اعرف اجيبها......... فيها وصف جبار
مشاعرك كلها كنت حاسة بيها وكل حاجة شفتها قدامى
وحركة الانتفاضة اللى جت فالاخر دى كانت تحفة
كل حاجة تبع مروان كانت مفاجئة
كل حاجة فالقصة اصلا مفاجئة
مع ان معظم ملامح الشخصيات (تقريبا) اترسمت قامنا
بس كل مرة فعلا بتفتجئنا بحاجة أروع
الحبكة فظيعة وكل حاجة في القصة مليانة ابداع
كفاية كد عشان انا بجد مش عارفة اقول اية تانى
بس هى جمييلة جدا
متأخرش علينا تانى عشان انا ممكن اتجنن
تحياتى
يارا