حكاية مُصيبة !
| الحلقة التاسعة (9) |
"فـي الـشـقـة ! "
المكان كان له ريحة مُختلفة ..
الإضاءة والتفاصيل الصغيرة في أوضتي بقت واضحة بشكل كبير ..
حتى ريحة التُراب بقت مألوفة !
يمكن لو حد حِدق فكر في الفكرتين دول ..
حيسألني... يا ترى هل علشان أنا افتكرت كل حاجة من تاني ؟!
ولا يا ترى علشان بقالي شهور فايق من الغيبوبة وخلاص اتعودت ؟!
ولا يمكن بقى علشان امبارح قضيت اليوم في شقة أكرم ..
ومُجرد رجوعي لأوضتي خلاني أحس بالحنين ؟!
ثواني ثواني ..
واضح إنك حِدق زيادة عن اللزوم ..
ايه اللي أنت بتقوله ده أصلا ؟!
مين قال إني افتكرت كل حاجة ؟!
ها ؟ .. مين بس قال كده ؟!
أنا حاليًا في حالة أسوأ ..
افتكرت حاجات كتير أي نعم ..
لكن فيه حاجات ناسيها ..
شقتي .. واللي المفترض أروحها خلال ساعات ..
حركة اللون الأبيض والتفاصيل الزيادة عنها ..
وأخيرًا الحادثة .. أكيد الحادثة مش فاكرها !
وبما إنك حِدق أوي ..
فممكن برضه تقول إني ناسي الحادثة علشان دي حصلت قبل الغيبوبة مُباشرة ؟!
أروح أنا جاي وأسألك : ( طب والشقة ؟؟ طب والحركة ؟؟ )
تقوم مجاوبني بكُل بساطة / يبقى انت يا مُصيبة .. أكيد .. أكيد يعني ..
كُنت في الشقة أو في الحركة .. وبعدين رحت الحركة أو الشقة !!
وبعدها حصلت لك الحادثة .. ورحت في **** .
أقوم رادد عليك : (بلاش قلة أدب يا مُصيبة .. )
!!!
أنا مُصيبة .. وأنت مُصيبة ..
أنا متعود أتكلم مع نفسي .. متعود أتكلم باسمي ..
ورجوعي للعادة السخيفة دي كان أشبه بكابوس أثناء الصحيان ..
زي ما يكون فيه حد جوا دماغي ..
بيتكلم وأرد عليه !!
أو بأتكلم أنا وهو يُرد عليا !!
لأ فعلا .. حاجة تجيب صُداع ..
بس هو ده الأسلوب اللي كُنت باتبعه على مدار حياتي ..
من أيام ما كُنت مُراهق ..
وبدأت أكتشف نفسي وأكتشف أساليب تفكيري الجديدة ..
هو ده الأسلوب اللي باستخدمه في اتخاذ القرارت الصعبة والمُعقدة ..
أسلوب المُقارنة والحوار ما بيني وما بين نفسي ..
ده الأسلوب اللي بسببه سبت البيت في يوم من الأيام لمّا كان عندي 16 سنة ..
وده بسبب خناقة كبيرة بين أبويا وأمي ..
ورحت بعدها عند أكرم ..
هو نفسه الأسلوب اللي اخترت بيه سمر .. ما بين سمر و(نيفان) ..
ونيفان دي كانت بنت تانية مُعجبة بيا أيام الجامعة ..
وهو نفسه الأسلوب اللي أقنعني حاليًا ..
بعد شهور من الغيبوبة .. وشهور أكتر من الحادثة .. وأقل من فوقاني ..
أقعتنعت النهارده الصبح ..
إني كنت في الشقة .. وبعدها كان ليا اتصال بالحركة ..
وبعدين حصلت الحادثة ونسيت كل حاجة ..
وأكيد الحادثة دي حصلت بسبب حاجة ليها علاقة بالشقة أو بالحركة ..
وعلشان كده .. أنا رايح شقتي اللي أنا مش فاكر هي فين أصلا ..
ماما معاها المُفتاح ..
وسمر معاها العربية ..
وأكرم عارف مكان الشقة ..
والله .. انت فعلا حِدق يا واد يا مُصيبة ..
يمكن تسألني أني مُصيبة ..
حاقولك / (كُلنا مُصيبة .. وكُلنا رايحين الشقة ! ) ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
خطوة .. اتنين .. تلاتة !
حاسس إني أنا من جديد ..
شكلي في المراية مُختلف ..
تسريحة شعري مُختلفة .. لإني أنا اللي عاملها ..
أنا كان شكلي حلو ومقبول زمان ..
لكن للأسف حاليًا ما زلت باعاني من آثار الغيبوبة وفترة النقاهة من بعدها ..
شكلي خاسس إلى حد كبير ..
ومكنتش باسرح شعري كل يوم ..
كنت متبهدل .. مش باختار هدومي ..
مش فارقة معايا كُل حاجة !
لكن دلوقت ..
المفروض أرجع زي الأول ..
حاسس بسعادة ..
حاسس بدفيء غريب في المكان ..
هدومي دافية .. على الرغم من إننا في الصيف !
حتى أُكرة الباب حسيت فيها بسخونة ..
كإن كُل شيء بيثبت لي إني أنا من تاني ..
فتحت الباب وخرجت ..
ماما كانت واقفة برا في الصالة ..
حضنتني وهي بتعيط ..
زي ما أكون راجع من سفر طويل ..
أما أكرم فكان قاعد على كُرسي من كراسي السفرة ..
ومقامش من مكانه ..
بصت له بثقة وقلت له / (مُستعد ؟! )
هزّ لي دماغه بالموافقة ..
وقام وقف في وضع الاستعداد ..
لفيت ناحية ماما وهي بتمسح دموعها بطرف كُم جلابية البيت السورية اللي لابساها !
ابتسمت لها بهدوء وقلت لها واأنا بامد ايدي اليمين وبافتحها /
(ماما .. ممكن المفتاح ؟!)
بس هي ردت عليا رد مُفاجيء / "مُفتاح ايه ؟! "
فكرتها للحظة بتهزر.. فرديت عليها بضحكة بسيطة ..
(مُفتاح الشقة يا ماما !! شقتي .. )
والكلمة الأخيرة خرجت مني بنفاذ صبر إلى حدٍ ما !
مدت ايدها في جيب الجلابية ..
وهي بتنقل نظرها ما بيني وما بين أكرم ..
طلعت من الجيب سلسلة مفاتيح فضية ..
كان فيها 3 مفاتيح بأحجام مُختلفة ..
ماما مدت ايدها بالمفاتيح ..
وكررت أنا مد ايدي علشان أخدهم !
بس هي سحبت ايدها في لحظة وضمت السلسلة ناحية صدرها !
أنا باحب الحركات دي ..
باحب جو الأكشن العجيب ده ..
باحب التوتر وحركات التمويه اللي حصلت معايا من شوية ..
أكيد فيه سبب ماما مش عاوزة تديني المفاتيح علشانه !
بصت تاني لأكرم نظرة توسل ..
في حين بصت لها أنا نظرة عجب !
قالت لي وهي بترجع لورا وبتبعد عني بقدر الإمكان ..
" مينفعش يا مازن .. مينفعش أديلك المفاتيح .. لو رحت الشقة دي تاني .. حاجات كتيرة حتتغير .. ومتعرفش أنت ممكن تقرر ايه .. ! "
كانت أول مرة أشوف فيها ماما بالشكل ده ..
وبالتحديد أول مرة بعد ما فقت من الغيبوبة ..
كان شكلها مرعوب .. خايف .. مش مصدق ..
لكنه في نفس الوقت مُستعد لأخذ أي تصرفات هجومية من أجل منعي لأخذ المفاتيح ..
أنا عارف النظرة دي كويس وفاكرها ..
نفس النظرة اللي رمت بيها أبويا يوم ما طلقها .. وكان مُصمم إنه ياخدني معاه علشان نعيش في عاصمة بلدنا .. وهو المكان اللي اكتشفنا إنه عايش فيه مع مراته التانية وريم أختي !
وهي نفس النظرة اللي كانت بتظهر على ماما في كل مرة بارجع فيها من القسم أو من الحبس ..
بعد ما بننتهي من أي مُشادات لينا مع البوليس ..
كانت نظرة الأمومة اللي ممكن تلاقيها في أي أم ..
نظرة الاستعداد للدفاع عن ولدها الوحيد ..
حتى لو كانت حتدافع عنه من نفسه !
( ماماااا !! .. المفاتيح .. )
أنا بقى عُمر ما النظرة دي أردعتني .. لإني كنت دايمًا قادر على التصرف ..
أي نعم كنت باعذر والدتي على تصرفاتها دي ..
بس في نفس الوقت .. أنا باكون محتاج لرد فعلي أنا بشكل أهم ..
ناديت عليها كمان مرة بثقة وبتحدي ..
( مامااا .. المفاتيح يا ماما .. أنا عارف إن ممكن حاجات كتيرة تتغير .. بس أنا لازم أروح الشقة دي .. أنا محتاج أروحها .. حاجات كتيرة حتنكشف لي .. أرجوكي !! )
قلت آخر كلمة بعد فترة سكوت بسيطة ..
وأنا أصلا باقولها كنوع من الذوق الاعتيادي لا أكثر ..
ماما ناولتني المفاتيح أخيرًا ..
زي ما تكون بتناولني سِم !!
في حين لاحظت أكرم بطرف عينيا ..
وهو شبه مُستمتع بالقتال النفسي اللي دار ما بيننا في الثواني اللي فاتت !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
شاورت لأكرم علشان نخرج بسرعة ..
أكيد سمر مستنيانا تحت بعربيتها ..
لكن باب بيتنا خبط !
الجرس رنّ ورا بعضه ..
وحد خبط على الباب بُعنف ..
لفيت بتلقائية .. بخفة .. وبعجرفة رهيبة أنا نفسي أقدر أحسها !
فتحت الباب ..
وشفت سمر واقفة برا ، كان وشها مخطوف وعلى وشك إنها تقول لي حاجة ..
وبعدين في لحظة .. لقيت ايد بتزُقها على جنب ..
وظهر مكانها عمرو أخوها ..
كوّر ايده .. وضربني بالبوكس في وشي ..
وبتلقائية تانية .. تلقيت الضربة في ايدي أنا كمان ..
صديتها في غمضة عين !
ماما وسمر شهقوا في نفس الوقت ..
"مازن" ....
"عمرو " ...
أما أكرم فنطّ جنبي بسرعة ..
وفتح الباب على آخره .. وسحبني لورا ..
وبعدين وقف ما بيني وما بين عمرو ..
وهو بيحاول يمنع عمرو المتعصب واللي وشه أحمر بشكل غير عادي من إنه يضربني مرة تانية ..
سمر كانت بتصرخ ..
"عمرو .. اهدى يا عمرو .. ما تهدى يا حيواااان !! "
صوتها كان قوي بشكل غريب ..
لكن طبعا مش أقوي من أخوها اللي لسه في حالة غير طبيعية ..
عمرو فضل يزعق في وشي ، ويزق أكرم ..
" بقى .. بقى انت تفكر إنك تروح وتتنيل وتعمل اللي عملته ..
وتموت ولا تتحرق وتروح في ملعون أبوها غيبوبة .. وبعدين ترجع تاني وتخرب علينا عيشيتنا .. الله يحرقك يا شيييخ .. "
كان بيقول كل جملة ورا التانية بشكل متقطع .. وهو بينهج ..
أصله كان مليان شوية . وأكيد تعب من طلوع الكام سلمة اللي عندنا ..
أنا اتصدمت فعلا من كلامه ..
لكن فضلت أتخذ معاه أسلوب الهدوء .. وهو الأسلوب اللي باتبعه مع صُحابي بس ..
مش المفروض احنا صُحاب برضه ولا أنا بيتهيأ لي ..
" واهو بسببك في الآخر .. جت عليا أنا والمحروس أحمد .. وقضينا ليلة مهببة في أم الزنزانة اللي انت متعود تنام على البورش فيها .. ملعون أبو اليوم اللي ... "
أكرم ضربه بالبوكس في وشه !
سمر صرخت جامد ..
وهي بتخفي ضحكة غير منطقية ورا شفايفها !
دي كانت الصدمة رقم اتنين ..
أكرم خرج عن طوعه يا جدعان !!
أو بالأصح أكرم رجع لاندفاعه اللي كان مات مع غيبوبتي والله أعلم مع ايه تاني !!
وللحظة كان فيه شرارة رهيبة ما بين نظرات أكرم وعمرو ..
الشرارة دي قالت كل كلمة ما بينهم ..
عمرو سابنا ومشى .. وهو بيفك دراعات سمر اللي بتحاول تسنده ..
ونزل ..
سمر بصت لي بحزن ..
وبصت لأكرم بنظرة موناليزية مُتقنة ..
نُص وشها غضبان منه .. والنُص التاني سعيد ..
أما أن فكنت مبسوط بهدوئي ..
مفيش أحلى من الهدوء .. مع الصحاب بس ..
(هو ده مُصيبة .. )
صوت في دماغي قال الجملة دي ..
رديت عليه / ( أنا عارف !! )
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
محدش فينا اتكلم طول الطريق ..
سمر كانت بتسوق بالعافية .. وهي بتتأفف ..
وأكرم كان بيلعب في ايده اللي ضرب بيها عمرو ..
ووهو حاطط عليه كيس تلج اخده من بيتنا قبل ما ننزل ..
أما أنا فكنت قاعد في الكرسي اللي ورا ..
حاسس بإحساس غريب ..
بصُداع نفسي ..
ونصف دماغي التاني كأنه متخدر !
كُنت بادقق في شعر سمر !
شعرها الأسود اللي بيلمع بشكل جذاب ..
وتسريحتها المُنطلقة اللي بتدل على شخصية واثقة من نفسها ..
أنا حبيت سمر .. ولسه باحبها ..
بس للأسف الظروف كانت أقوى مننا ..
وفيه بعض النقط اللي مش قادر أجمعها في مرحلة انفصالي عنها !
يمكن مرواحي للشقة ممكن يفيد في كده !!
"أنا آسفة يا جماعة على اللي عمله عمرو .. "
سمر نطقت أخيرا بعد ما أخدت نفس عميق !
أكرم رد عليها : " أنا اللي آسف يا سمر .. بس انتي عارف عصبية أخوكي !! "
هزت دماغها وهي مُتأسفة لعصبية أخوها أكيد ..
وبعدها بصت عليا في مراية العربية !
هزيت دماغي أول ما لاحظتها وقُلت بهدوء وأنا حاسس بقلبي بيدق بسرعة/
(It's Okay !)
" أنا عموما .. متوقعتش منك حاجة .. كالعادة يعني ! "
نبرة السخرية في كلامها واضحة ..
مقدرتش أرد عليها ..
لإن الإحساس العجيب في معدتي مكانش عاوز يتلاشى !
وفجأة سمر فرملت !
ركنت العربية باحترافية في شارع زي أي شارع من شوارع بلدنا ..
عمارات ومحلات وشوية عربيات راكنة على الصفين !
وسكون مُعتاد على وقت العصرية ..
"وصلنا"
هي وأكرم قالوا الكلمة في نفس الوقت ..
نزلت من العربية ..
ونزل ورايا أكرم ..
بصيت نظرة واسعة على الشارع اللي المفترض إن فيه شقتي ..
حسيت فيه بالألفة .. زي ما أكون ساكن هنا من وأنا صُغير ..
سألت سمر / (أنتي مش حتيجي معانا ) ..
اتلجلجت وهي بترد / " اهه .اه .. لأ .. أنا حاستناكم هنا ! "
ماخدتش في بالي .. وقررت إني أمشي ورا أكرم ..
واللي بعد خطوتين تقريبًا ..
شاور لي على بيت على بعد حوالي 30 متر ..
كان بيت من 4 أدوار بس ..
بيت قديم إلى حدٍ ما .. زي ما يكون مبني من 10 أو 15 سنة ..
ووجههته مش متبيضة ..
وله جراج في جنب المدخل ..
والأهم من ده كله .. إنه كان بيت مايل !!
فلاشٍ ما حصل في دماغي على سهوة ..
وافتكرت عمرو في أحد المواقف وهي بيقول لي وهو بيضحك ووشه أحمر وعلى وشك إنه ينفجر
" زي ما يكون بيرقص وحد بيطبل له !! "
ابتسمت ..
ودققت في البيت أكتر وأنا رايح خطوة ورا خطوة ناحيته ..
كان زي برج بيزا المائل ..
يا ترى أنا ازاي عايش هنا !!
دخلنا من المدخل ..
ولأول لحظة اتطوحت ناحية اليمين .. وهي ناحية ميل البيت ..
حسيت بدوخة وفقدان لحس التوازن عندي ..
ودوّار بحر خفيف .. كإني راكب قارب ..
طلعنا على السلالم المتكسرة والقذرة ..
ووقفت بشكل عفوي عند أول شقة في أول دور ..
واضح إنها شقتي ..
الباب كان خشب متين . وفيه طبلتين ..
ومكتوب عليه في النص .. حرف ال W أو ال M
أصل الحرف كان مكتوب بالجنب ..
زي ما يكون مال مع ميل البيت ..
بس في الواقع ده كان رمز للحرفين مع بعض ..
White و Moseeba .. بس كده .. بسيطة خالص ..
- أكرم سحب مني سلسلة المفاتيح اللي كنت ماسكها في ايدي ..
وبعدين فتح الطبلتين بمفاتيحهم .. واضح إنه عارف كويس ..
مع كل تكة للمفتاح ..
كنت باتخيل أنا حاشوف ايه جوا ..
تُراب .. ومكان متبهدل وعشوائي .. وأوراق في كل حتة ..
ومش بعيد حشرات وكائنات ضالة .. أو يمكن كائنات فضائية !
لكن لأ .. المكان كان مختلف تماما ..
وأخيرًا وبعد 48 ساعة من الرغبة ..
كُنت في الشقة !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
- ايوه .. المكان كان مُختلف عن أي توقعات ..
كان عكس المكان الخارجي .. عكس الشارع ..
عكس شكل البيت من برا ..
كانت شقة في مُنتهي الجمال .. في مُنتهى النظام ..
في مُنتهى الحداثة ..
يا دوبك ريحة التراب الواضحة فيها .. بسبب إن محدش فتحها ..
قررت إني افتح الشباك ..
بس لقيت أدامي تكييف !!
وجنبه الريموت بتاعه .. شغلته .. وأنا بافكر إن التكييف ده أكيد على شارع جانبي وإلا كنت شفته وأنا بافحص البيت من برا ..
التكييف اشتغل بصوت عالي .. وبعدين هدى تدريجيًا ..
وحسيت بالبرودة بتسري في المكان كله ..
بصيت على أكرم .. ولقيته بيتفحص المكان ..
وبيلمس كل حاجة ممكن يلاقيها جنبه ..
حسيت بجسمه بيترعش ..
زي ما تكون كل لمسة بتفكره بذكرى ..
حسيت أنا كمان برعشة ..
وأنا باشوف كل قطعة من الأثاث الموجود في الصالة الصغيرة .
كان فيها ترابيزة من خشب الزان ..
وعليها 4 كراسي في منتهى الأناقة ..
وجنبهم 4 كراسي صالون ليهم لون دموي غامق ..
أما الستاير فكانت ما بين درجتين هما البني والرمادي ..
كانوا عاملين تداخل غريب مقبول .. بالرغم من إن الدرجتين مُتنافرتين لحدٍ ما ..
بعد ثواني من التأمل والانبهار بشقتي اللي مش قادر افتكرها ..
قررت ... وتوجهت ناحية الأوضة الوحيدة الموجودة في الشقة ..
مديت ايدي علشان افتح الباب .. بس اتضح إنه مقفول ..
وطبعًا المفتاح التالت في سلسلة المفاتيح هو اللي فتحه ..
حسيت بارتياح وبسعادة بمجرد ما دخلت الأوضة ..
كانت أوضة واسعة وكبيرة .. أد أوضتي مرتين أو تلاتة ..
بس هي برضه كانت أوضتي ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
كان فيه مكتب كبير وعتيق ..
عليه صور كتيرة غطاها التراب ..
صور ليا في مراحل كتيرة من حياتي ..
ليا لوحدي .. أو مع صحابي أو مع سمر .. أو مع ريم ..
وصور ليهم هم كمان لوحدهم ..
كان فيه سبورة بيضا متعلقة على الحيطة في وش المكتب ..
وعليها خريطة زمنية بالأيام والشهور وبعض الأحداث اللي قمت بتسجيلها بنفسي كنوع من التذكير ..
وكمان كان فيه دولاب وسرير ..
وحوالي 3 ترابيزات بأشكال وأحجام مختلفة عليهم تُحف كتيرة ..
والشيء الأكثر إبهارًا كان مكتبة الكتب في نهاية الأوضة ..
كانت مليانة بكتب كتيرة أشكال وألوان !
وكمان كان فيه خزنة جنب المكتبة ..
وكانت مفتوحة على غير ما توقعت .. وكانت فاضية كمان !!
فجأة أكرم دخل الأوضة عندي ..
وشُفت بالدموع بتقاوم الخروج من عينيه ..
واضح إن المكان بيعني لي كتير زي ما بيعني لي ..
- رحت قعدت على كرسي المكتب المترب ..
وفتحت واحد من الأدراج .. كان فيه أوراق كتيرة وملفات ..
وحوالي 5 أو 6 كُتب صغيرين كده ..
أخدت شوية ورق كنت كاتب فيه بخطي ..
وكان متأرخ بتواريخ مختلفة ..
وهي دي عادتي في كتابة مُذكراتي ..
الأوراق المتفرطة !!
- بدأت في القراية ..
لكني وقفت قبل ما أبدأ ..
لاحظت باب في الأرض !!
جنب المكتب .. ما بين المكتب وترابيزة تانية بالتحديد ..
كان له مقبض غريب كده ..
قمت من الكرسي بسرعة ..
ونزلت على ركبتي ..
وشديت المقبض ده ..
الباب الصغير اتفتح ..
وكان فيه مكان ضلمة بيطل عليه ..
أنا واثق إنه الجراج طبعًا ..
وواثق برضه إني كنت في حركة سلمية ..
مكنتش باتمان مثلا !!
- نزلت من الفتحة الصغيرة ..
وأنا باتحسس الطريق تحتي على السلم الموجود ..
وحاسس بأكرم بيحضر نفسه ورايا للنزول ..
وأخيرًا رجلي وصلت الأرض ..
في حين ايدي لمست زرار ..
ضغطت عليه والمكان نوّر !!
كان الجراج فعلاً ..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
المكان كان مكتوم ..
مقدرتش أمنع الكحة اللي خرجت مني ..
ولا حتى أكرم بمجرد هبوطه في الجراج !
كان مكان بسيط ...
جراج صغير ..
فيه صندوق معدن كبير لونه فضي ..
وموتوسيكل أسود حديث !
وعربية – تقريبًا - !!
العربية كانت عربية رياضية لونها أبيض ..
وواضح إنها كانت موديل حديث ولسه جديدة ..
بس كانت متكسرة عن آخرها ..
و متطبقة في بعضها ..
ولونها ممحي ..
ازازها متكسر ..
وحالتها صعبة جدًا ..
واضح إن العربية حصلها حادثة في يوم من الأيام ..
وأكيد أنا كنت جواها !!
حسيت بقلبي بينقبض ..
لفيت ناحية الصندوق وأنا باحسس بايدي على الموتوسيكل الناعم !
الصندوق كان مقفول بقفل ..
فكرت .. واضح إن السلسلة كان فيه أكتر من 3 مفاتيح ..
مقدرتش أمنع الغضب اللي جوايا ..
في حين شفت أكرم بيمرر ايده على العربية المتكسرة .. زي ما يكون بيقرأ حكايتها المكتوبة في الازاز المتكسر !
- أخدت حتة حديدة طويلة كانت مرمية على الأرض ..
أكيد دي من بواقي العربية ..
مسكتها وكسرت قفل الصندوق بمهارة ..
وأنا معنديش أي توقع للي ممكن أشوفه جوا !
الصندوق اتفتح بصوت عالي من تقل المعدن ..
وكان فيه آخر حاجة ممكن اتوقعها ..
مُسدس !!!
ورشاش آلي !!
Bloody Freakin Hell !!
مش عارف ليه قلت الجملة دي في دماغي ..
وقفلت الصندوق بسرعة قبل ما اكرم يشوفه ..
واستغليت فرصة انشغاله في العربية ..
العربية !!
أثارت جوايا إحساس التعطش للمعرفة ..
إحساس الفضول ..
كُنت محتاج أعرف عن الحادثة ..
ويا ترى أنا كنت ناوي على ايه ..
هم دول الحاجات اللي محتاج أعرفها حاليا ..
الشقة خلاص بقت مجرد ماضي ..
أنا افتكرت عنها كتير .. وعن تفاصيل أيام أكتر قضتها فيها ..
( أنا عاوز أعرف ايه اللي كان في الحادثة !! )
قلت الجملة لأكرم بصوت مخنوق .. ما بين الكتمة اللي جوايا واللي في جو الجراج !
رد عليا بصورة مفاجئة / " مروان !! "
قلت له وعلامات التعجب بتدور في دماغي / ( مروااان ؟؟! )
هز دماغه بغموض ورد / " اها .. مروان هو الوحيد اللي كان معاك في الحادثة !! "
( يبقى ... يبقى نروح لمروان دلوقت !! )
قلت الجملة زي ما اكون عيل صغير عاوز لعبة !
" مروان في العاصمة يا مُصيبة .. هو عايش هناك .. وبيشتغل هناك ..
لو تحب نسافر له .. انا موافق .. "
( يبقى نسافر من بكره .. !!)
رديت على أكرم ..
هزّ لي دماغه ..
في حين حسيت باختناق رهيب ..
وطيت وأنا حاسس بانكسار وبماضي أليم راكن ورايا ..
فتحت باب الجراج ..
وحسيت بالهوا داخل جوا ..
بس مكانش كافي ..
دلوقت عرفت ليه ماما مكانتش عاوازاني أروح ..
لإن فعلا فيه حاجات كتيرة حتبدأ من دلوقت ..
رجعت خطوتين لورا ..
بصيت نظرة أخيرة على العربية ..
خبطت بايدي على كتف أكرم ..
وتبادلنا نظرة مألوفة ما بيننا ..
نطيت على الموتوسيكل من غير ما أمسح التراب اللي عليه ..
كان فيه نضارة شمس سودا متعلقة على الدريكسيون ..
اخدتها ونفخت فيها ولبستها ..
وشغلت الموتوسيكل بالمفتاح الموجود فيه ..
اشتغل بصوت عالي نسّاني وجودي في المكان ده للحظة ..
طلعت مفاتيح الشقة من جيبي ..
وحدفتها لأكرم ..
وطرت بالموتوسيكل ..
حسيت إني محتاج هوا أكتر ..
وافتكرت أد ايه كنت عاوز أكون في الشقة !
في حين دلوقت .. محتاج أهرب منها ..
( اهدى يا مُصيبة ! )
سمعت الصوت في دماغي !
وهديت !!
يُـــتـــبـــع !
مـــــازن !
TNT
18/7/2010
Hi Tarek :)
ReplyDeleteAt that part I noticed new factor that was not present in the previous ones ..
that factor is Light sense of humor ..I do like it so much :) :)
3agbnany awiii 2lpart dah bgd kol 7aga feh 7elwa .. each paragraph full of beautiful expressions it's really hard to specify them ..
interesting unexpected incidents happened , I really enjoyed it very much tarek ..
I noticed remarkable advance in ur style :)
masha2 allah Tarek WELL DONE indeed ..
ThanXxX for da tag Dr.T :)
no comment ya t bgad
ReplyDeletet7fa
nada
17/7/2010
هاى تى
ReplyDeleteاخيرا هرد تانى على مصيبة بعد مدة انقطاع
عشان كنت مسافرة وروحت البيت وحسيت بالحنين اللى مصيبة حس بية لما رجع اوضتة بس وهو فاكر كل حاجة
دى اول حاجة اعملها اول لما حطيت ايدى عالنت
من ساعة مروحت
مردتش على 7 ولا 8 واهو برد على 9
بس عايزة ارد عليهم كلهم
معلش هقرفك ...استحملنى
دايما دايما بتبهرنا بأسلوب كتابتك فعلا
اكتر حاجة بتعجبنى فمصيبة الوصف التفصيلى للأحداث دا بيخلينى اربط الحاجات ببعضها وبتخيل كل حاجة قدامى كأنى بشوف فيلم والأشخاص بتدخل بانسيابية جميلة فى القصة احنا دلوقتى اتكشفت قدامنا تقريبا كل الشخصيات وبدأنا فاكتشاف الاحداث اللى قبل مامصيبة ينسى كل حاجة
بس اكيد هتفجأنا بحاجات جديدة مش متوقعة
كل جزء بيحلى القصة اكتر من اللى قبلة وبيعجبنا دايما
ما شاء الله ربنا يخليلنا افكارك
مش عارفة من غيرها هفتح اية عالنت
معلش عايزة اقولك على اكتر حاجات لفتت نظرى فى كل بارت من التلاتة
مصيبة 9
اول البارت دا الكلام كان مربك شوية فأوله خالص كنت بعيد الكلام اكتر من مرة عشان استوعب اللى بيحصل واكتشفت معاة انى مش حدقة اطلاقا
وفجأة الاحداث سخنت وبردو بنفس الطريقة الجميلة والمشوقة اللى ف 8 قدرت توصلنا ان مصيبة افتكر وفاهم
بس احنا مفهمناش حاجة
وطيت وأنا حاسس بانكسار وبماضي أليم راكن ورايا
الجملة دى عجبتنى جدا
..........
مصيبة 8
الجزء دا عجبنى جدا كنت مخبى عننا كل حاجة وفنفس الوقت موصلنا احساس قوى بان مازن فاهم وعارف كل حاجة
وبالنسبة لاتجاة القصة للسياسة شوية حسيت بانو مفيد للقصة
يعنى اى واحد شاب لازم بيبقى لية احتكاك بالسياسة
حتى لو كان طفيف
وبالنسبة لمصيبة الوضع تطور وبقى عنده الوايت وكبرت كمان
فالجزء دا قعدت افكر كتير اية مدى واقعية الوايت فحياتك
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كمان اكتر حاجة كانت حلوة بس مدايقانى الكرة العميق الغير مبرر لحد دلوقتى لبابا مازن
وبردو استخبى علينا
انا حسيت بتعاطف كبير معاة
بشكل عام كان جزء انتقالى جميل جدا
.......................
مصيبة 7
انا قديمة جدا بس اعمل اية كنت مسافرة
المهم
هنا حبيت جدا مذكرات ماما القصيرة كان فيها حنية ودفا الماما بجد وفكرتنى بالفكرة اللى انت عملتها -طارق- لما كنت بتكتب كل ساعة فعبارة ادبية بس هنا على اطول وعلى مدار اليوم
دايما بتعجبنى طريقة تقبل اكرم لعمرو واحتواؤه
لية مهما حصل منة
وكانت جميلة الزنزانى اللى دخلت فى الأحداث بشكل حلو ومش متوقع
ودقات الساعة وكل حاجة كانت متوظفة صح
وجميلة
..............
خلصت كل اللى عندى يارب تقراة لحد الآخر
ومتدعيش عليا
دايما تحفة يا تى
متأخرش علينا
تحياتى
يارا
tare2
ReplyDeleteenta bgd bt5leiny mstny el ba2y bta3 el kessa
w belzat 3shan mrwan :D
bgd tre2tk 7lwa awi fe wsk el mkan wel a7sas
b7s enny shayf el mkan 2odami mn kalamk
gamda awii bgd :D
mrwan sokkar zyada
One Word Only:
ReplyDeleteA M A Z I N G
bgd ya tarek aktar mn ra2e3a ana knt 7assah iny shayfa kol 7aga odami like am watching a movie bgd shayfa el3emara shayfa eloda shayfa el garage shayfa moseeba w akraaaam shayfa el car shayfa el motocycle shayfa kol 7aga 7ata shamma eltorab bgd amazing inak tedeeni all these feelings ma3 b3d just by reading someline 3agebni awiiiii este5damak li tor2 erga3 elzakira bas deeh fi moseeba8 in elree7a fakareto bi 7agat bgd sa3at elwa7ed yeb2a mashy yeshem ree7a mo3ayana li 7aga yeftekir 7aga tanya 5aliiiiiiiis fi makan tany 5aliiiiiiiis ma3 nas tanya bardo bgd ya tarek eslooob aktar mn ra2eeeeeee3 bas feeeh 7aga ana awel ma hwa eftakar awel 7aga knt 3aiza a3raf 3anha kanit lih dayman akram by2olo ino medayen leeeeh eh elsabab specially ba3d ma shasyet akram reg3et 3ala tabee3to aktar ba3d ma mozaz eftakar 7agat
waiting for ur reply bas 3al faceboook
yasmine ayman
nayera (nosha) said:
ReplyDeletetareeeeeeeek !! ana kont shyfa kol 7aga :D:D we el description bta3 el place is amaziiiiing :) el script bta3 el story to7faa we ana i like it!fe parts 3agbtny awi awi zai 7etat nazrat mamto we el bdaya ely byklm nafso we yrd 3aliha we kteer :D:D:D u know an ana i don't love reading stories bas msh 3rfa leih bgad bt5liny kol mara bab2a 3ayza ely ba3daha we mestnyaha bgaaaaaaaad ... :) eslobak fel ketaba to7faaa :D we ThnX 4 thE TaG .. i just liKe it !! We happy birth daaaaaaaaay :D:D:D:D
nosha :)