Sunday, June 27, 2010

حكايـة مُصـيـبـة !! (3)




حكاية مُصيبة !


+ الحلقة الثالثة (3) +
  "العين الحمـرا !"



تُراب .. تُراب في كل مكان !!
ودوشة رهيبة !
صوت حد يبنضف .. أو بينفض !!
هي يبنفض ولا بينضف ؟
بينفضفضف ؟

أعتقد إن الكلمتين صح !

- صحيت على صوت خبط ..
صوت شفط !
حسيت إن فيه حاجة بتسحبني !
وإن حد عمّال يدُق على دماغي ..

اتضح إنها الست الوالدة العائدة بعد غياب ..
كانت بتسحب الغطا من عليا ..
وبتصحيني ...

فقمت على طول، وأدركت إن الساعة ييجي لها 11 الصبح كده !
وإن فيه عملية تنضيف واسعة بتتم في بيتنا !

وده طبعًا شيء أكيد، ظهرت بوادره من امبارح ..
فبعد الترحيب والقُبلات والأحضان ..
بدأت ماما في انتقاد الوضع الحالي للبيت ..
واللي كان حاله يصعب على أي حد ..

فالبرغم من المجهود اللي كان صاحبي بيبذله معايا 
في ترتيب البيت كل يوم، أثناء الفترة اللي بيقضيها عندي ..
إلا أن ده كان غير كافي بالنسبة للوالدة عاشقة النضافة !


- غسلت وشي ..
وأخدت الطريق ناحية أوضتي تاني ..
وأنا نُص فايق ونُص دايخ !

وفي السكة لقيت باب أوضة الضيوف بيتفتح ..
وصاحبي طالع منه بيتاوب !!

(ايه ده .. انت بتعمل ايه هنا ؟؟! )

"أنا بايت هنا .. انت نسيت ولا ايه ؟"


بايت .. بايت هنا ازاي ..
أي نعم هو كان بيقضي مُعظم اليوم عندي في البيت .. 
بس مكانش بيبات أبدًا !

- بصت له كويس ..
واخدت بالي من شكلنا احنا الاتنين اللي عامل زي السكرانين ..
وافتكرت ليلة امبارح ..
لما سهرنا لوقت متأخر وقضيناها شُرب !!
لأ لأ  .. ده كان الفيلم اللي احنا بنتفرج عليه هو اللي كان فيه شُرب !

وانتهت الليلة بإني نمت في مكاني ..
وأكيد صاحبي أخدني ودخلني الأوضة علشان أكمل نوم فيها !

"مامتك قالت لي أبات هنا .. علشان الوقت كان متأخر امبارح !!"

أتاوبت .. وقُلت له/ (أه .. واضح ) !

- في اللحظة دي .. ماما عدت جنبي ..
وهي شكلها بيحارب تقريبًا ..
كانت ماسكة كل عدد التنضيف الممكنة ..

ووراها كانت خالتي ماسكة مُكنسة وجردل فيه مياه !

خالتي !!!

خالتي أول ما شافتني وقعت المُكنسة، واتسمرت في مكانها !
بصت لي .. بصت لها ..
بحلقت فيا .. بحلقت فيها !

أمي رجعت تاني خطوتين لورا بعد ما كانت عدت من جنبي وجنب صاحبي ..
وطت وشالت المُكنسة اللي وقعت ..
زقتها جامد ناحية خالتي ..
وقالت لها بصوت عالي / "علياء !! .. فيه ايه انتي أول مرة تشوفيه ؟! "

خالتي اتحركت بالتصوير البطيء ..
وسحبتني من دماغي ..
وباستني على خدي الشمال ..

قالت لي / "انت كويس دلوقت ؟ "

ضحكت لها ضحكة صفرا ورديت عليها / " أممممم .. المفروض يعني !؟ "

مسحت على كتفي بطريقة مليانة شك ..
واخدت المكنسة ومشت ورا ماما ناحية أوضتي !

>>>>>>><<<<<<<

- قضيت شوية وقت في أوضة الضيوف ..
أنا وصاحبي قعدنا نتكلم على حاجات مفيش منها فايدة ..
عن قرايبي .. وأصحابي .. ومدرستي .. ومواهبي ..
وطبعًا أنا مكنتش فاكر أي حاجة !

بس كُنا بنضحك ..
وفي نفس الوقت كانت النظرة السايدة على وشوشنا ..
هي نظرة الشك ..

أنا كنت شاكك في كل كلمة قالتها خالتي ..
يعني ايه أنا كويس دلوقت ؟
يا ترى تُقصد الغيبوبة ولا ايه ؟
ولا تقصد حاجة تانية ؟
شكلها عارفة حاجة ..
ومن نظرة عينيها .. شكلها عندها استعداد إنها تقول لي ..

وعلشان كده أنا قررت ابقى أسألها !

أما صاحبي بقى ..
فكان بيقول / "ممكن .. وليه لأ ! .. اسألها !! "

كلام غير مفيد كعادته !
وبنفس نظرة التكذيب في عينيه !

- الباب بيخبط ..
قمت أنا وصاحبي بسرعة نفتح ..
وسط موجة الضحك المُزيف !

فتحنا الباب ..
كانت ماما .. وشكلها تعبان !

قالت لنا بنبرة تهديد / "ما تيجوا تساعدونا في التنضيف شوية !! "


أنا وصاحبي بصينا لبعض ..
وقعدنا نتهته واحنا بنحاول نُرد !
قال ننضف قال !!
كُنا نضفنا لنفسنا !!

ماما فهمت بسرعة .. زي ما تكون متعودة على رد الفعل ده !
وسابتنا .. بس خرجنا وراها ورحنا على أوضتي ..
ومشهد الشقة صعب جدًا في إطار عملية التنضيف !

>>>>>>><<<<<<<


- دخلت أوضتي أنا وصاحبي ..
وبصيت بهدوء على المكان اللي حواليا ..
الفوضى الواضحة في كُل رُكن من أركان الأوضة ..
المكتب وعليه كوم الأوراق المتكرمشة واللي باكتب فيها كل يوم تقريبًا !

السرير المتبهدل ...
الحيطان اللي متعلق عليها لوحات كتيرة ..
أو مكتوب عليه بخطوط أشكال وألوان ..
الدولاب النُص مفتوح، والهدوم المتعلقة على الجدار جنبه !

أوضتي بالنسبة زي ما تكون مكان عتيق ..
بتُرابها، بنورها اللي جاي من أكتر من شباك فيها !
كُل حاجة فيها كانت بتحسسني بالأمان !

قُلت في نفسي/ "يا رب ما ينضفوها " ..
وبدأت أغيّر هدومي بسرعة ..
وصاحبي رمى نفسه على السرير بتاعي ..

غيرّت هدومي ..
وشميت ريحة الأوضة المُميزة مرة أخيرة !
وفتحت الباب علشان نُخرج ..

فتحته بهدوء .. زي ما باعمل كُل مرة ..

بس ساعتها سمعت ماما وخالتي كانوا واقفين برا ..
على بُعد كام متر من الباب ..
كانوا بيهمسوا .. بتوتر !

- خالتي/ "يعني هو بكل بساطة نسى كُل حاجة "

- ماما ردت عليها وهي متعصبة / "جرى ايه يا علياء .. انتي عاوزة تحسسيه بإن فيه حاجة غلط ولا ايه "

- "مش عارفة .. لأ .. مش قادرة .. مش قادرة أشوفه عادي كده .. ولا هامّه حاجة "

- "علياء .. لو مش مستريحة في قعدتك .. يبقى دي غلطتي إني طلبت منك إنك تيجي من أصله "

- كملت خالتي كلامها/ " وبعدين هو مش يمكن له الحق إنه يعرف .. إنه يفتكر كل حاجة .."

- " أعتقد دي حاجة مش انتي اللي تقريرها .. ولا دي حاجة تُخصك أصلاً "
ردت ماما عليها رد حاسم ..

وبعدها الاتنين لفّوا مرة واحدة ناحيتي ..
وللأسف ملحقتش أعمل نفسي لسه خارج ..

الاتنين بصوا لي جامد ..
بصت لهم.. وأنا حاسس بقلبي بيتحرك من مكانه في ناحية الشمال !
وفي بالي مليون سؤال .. هُم يا ترى كانوا بيتكلموا عليّ ؟
أكيد طبعًا .. هو فيه مين غيري مش فاكر أي حاجة ..
أكيد كانوا بيتكلموا عني ..

- فيه ايد مسكتني من كتفي فجأة ..
كانت ايد صاحبي طبعًا ..

زقّني علشان نطلع برا الأوضة ..
وفعلاً خرجنا، وأنا باقول لماما وخالتي وهم لسه بيبصوا لي / (احنا .. احنا نازلين .. )

- ماما وهي بتحاول تغيّر جو المكان/ "يعني برضه مش حتساعدونا في التنضيف .. "

أنا مردتش . لكن صاحبي ضحك وقالها / "تنضيف مين يا طنط .. ربنا معاكم بقى إن شاء الله " ..

وخطوة في التانية .. كنا برا الشقة ..

بس مش قادر أنسى نظرة خالتي ليّا قبل ما أخرج !

>>>>>>><<<<<<<

- نزلنا السلالم بسرعة ..
أصلي ساكن في الدور الأول ..
 وصاحبي كان على غير عادته ساكت ..
يا ترى هو كان واقف ورايا ساعة ما الحوار السري اللي حصل فوق ده !
يا ترى سمع كل حاجة .. بس عامل نفسه مش عارف ؟

سيبك من صاحبي ..
أنا دلوقت لقيت شخص يقدر يفيدني بأي حاجة عني !
واضح جدًا إن خالتي تعرف كتير ..

لازم لمّا نرجع من برا أسألها ..
ايوه .. لازم أسألها ..

- فتحنا باب العمارة ..
بس كان فيه فيضان !!
سيل رهيب من البشر ..
كان فيه ناس كتير واقفين في الشارع ..
ياااه كُل دول ناس جايين يستقبلونا !!

بس لو حد جاي يستقبلني أنا وصاحبي ..
ايه اللي حيجيبهم كلهم ستات !!
لأ وايه مش أي ستات ..
دول الصورة المثالية للسيدات الشعبية في بلدنا !

حوالي 100 أو 200 ست على امتداد الشارع ..
لدرجة إني شكيت إننا حنلاقي مكان نمشي فيه أصلا !

فضلنا كده متسمرين على باب العمارة ..
مش مصدقين المنظر ..
 ومذهولين من الدوشة الرهيبة اللي سمعناها بمجرد ما فتحنا الباب ..

كُل دول ستات !!
ياااه .. دي الحريم ملّت البلد يا جدعان ..
لأ وبيزغردوا .. وبيهللوا ..
وفيه ناس .. كام راجل كده .. واقفين متفرقين وسطهم ..
بيوزعوا عليهم شُنط وورق وحاجات غريبة !!

- أه افتكرت افتكرت ..
ودي حاجة غريبة إني افتكرها ..
أصل احنا في شارعنا ..
فيه مكتب لسيادة النائب -حُسام عزّت - عضو المجلس الفُلاني ..
وسيادة النائب ده راجل تمام .. راجل زي الفُل ..
بس محبوس في قضية ، ومحكوم عليه بالإعدام ..
أصلهم بيقولوا إنه قتل النايبة الفُلانية .. 
ودي بقى عضوة في مجلس تاني .. بس قال ايه بتشتغل رقاصة !

والراجل يقتل واحدة رقاصة ليه ؟!.. ده يبقى راجل ناقص صحيح !

أما الستات دول بقى ..
فجايين ياخدوا الحلاوة ..

أصله عُقبال عندنا كده يوم ما افتكر إن شاء الله ..
الراجل اتقبل الاستئناف بتاع المُحاكمة بتاعه !
وواضح إنه بيفرق لحمة وفلوس ..

كُل ده علشان الاستئناف ..
لو كانت براءة بقى كان حيعمل ايه ؟!!

"لولولولولولولولولولي "
زغرودة حلوة طلعت من الست الفلانية ..
وصعب تعرف أني واحدة في المئات اللي واقفين ..

(طيب وبعدين .. احنا حنفضل على الباب كده ..)

صاحبي مسكني من ايدي ..
وقعد يوّسع لنا طريق لأقرب فراغ ..

"عن إذنك .."
"بعد إذنك يا ست "
"لو سمحتي يا حجة "


كان فيه ناس بتوّسع لنا الطريق، وهم بيبصوا لنا باستغراب !
وناس تانية لأ ..
كان كله بيزق بعضه ..
مين حياخد حلاوة النائب الأول ؟!

أما أنا فدققت في وشوشهم ..
في لبسهم ..
في تعبيراتهم اللي تكاد تنعدم ..
زي ما يكونوا فقدوا ذاكرتهم عشرين مرة قبل كده !

كلهم هنا لنفس السبب ..
والسبب ده أكيد هو الحلاوة .. مش النائب !

"يووه .. ما تحاسب يا خويا .. "

ست ضخمة كده زقتني أنا وصاحبي بدراع واحد بس ..

(جرى اييييييه يا ولية !! )

زعقت فيها !!

وبعدها بثواني لقيت ايد بتكممني، وايد تانية بتسحبني ..
شكيت إن الحريم اتلموا عليّ وحياكلوني بالحيا !
بس اكتشفت إن دي الطريقة الجديدة اللي صاحبي بيتبعها من أجل تجنيبي لعواقب وقاحتي غير المُبررة !

سحبني وسط أكوام من البشر !
أكوام همومها أقدم بكتير من ريحة أوضتي !

ولما وصلنا لأقرب -أو بالأصح أبعد- نُقطة فراغ !
أخدت نفسي .. وزي ما قررت إني أسأل خالتي ..
قررت إني أسأل صاحبي .. بس عن حاجة تانية ..

>>>>>>><<<<<<<

اليومين اللي فاتوا ..
قبل ما ماما ترجع ..
قبل ما أبدأ أنزل أنا وصاحبي في الطّرق اللي باختارها ..
كُنت دايمًا قاعد ساكت في البيت ..
ساكت خالص ..
يا دوبك نتكلم كلمتين أنا وصاحبي، وبعدها نسكت ..

غير كده، كُنت عايش على الأفلام والمُسلسلات الأجنبية ..
وشوية قراية على شوية كتابة ..

أما الحاجة الثابتة فكانت الفسحة اللي بناخدها كل يوم في نفس الطريق ..
وكمان الأدوية !!

ولمّا اتحسنت شوية، واخترت طريقنا اللي بنمشيه ..
بدأت كل حاجة تتغير ..


قابلت شادية ..
دخلت خناقة ..
قعدت على الرصيف وفي الشارع ..
لفينا على المحلات ..
وساعات كُنت باقف أتكلم مع عساكر المرور !

والأهم من كل ده.. هو إني بقيت باتكلم أكتر مع صاحبي ..

بس واحدة واحدة اكتشفت مدى الوقاحة وسلاطة اللسان اللي أنا فيها ..
وإني باعمل كل حاجة بشكل تلقائي .. زي ما أكون متعوّد ..
واللي يحيّر في الموضوع، هو إن صاحبي كان ساكت ..
آه افتكرت .. أصله مدين ليا !!

- (هو أنا قليل الأدب بالشكل ده فعلا !!؟ )
سألته واحنا ماشيين ..
والنهارده قررنا نمشي على الشارع العمومي ..
واحنا كُنا دايما بنحب ناخد الشوارع الجانبية !

بص لي باستغراب / "ليه يعني ؟ . .ايه اللي يخليك مفكر كده ؟ "

( ايه اللي يخليني أفكر كده .. انت بتهزر أكيد !! )
(هو بعد اللي قلته امبارح ده .. وحتى بعد الكلام والطريقة اللي كلمتك بيها ..
مش عاوزني أفكر إني عيّل سيس ولسانه طويل ومش هامه حاجة .. )


- ابتسم لي ابتسامة من إياهم ورد / "أنا عن نفسي مش فارقة معايا حاجة ! "

بحلقت فيه جامد .. كان نفسي أضربه بحاجة !

|تيييييييييييييييييييييييييييت |
كلكس عربية جه في وداني !

صاحبي سحبني بسرعة على جنب علشان أكون بعيد عن العربيات !

"كان لازم تمشينا في الشارع الرئيسي يعني ؟؟"
سألني بنظرة عتاب مُصطنعة !

رديت عليه/ (متغيرش الموضوع !! .. أرجوك قُل لي .. هل أنا فعلا وحش للدرجة دي ؟! )

صاحبي وقف !
وقفت معاه طبعًا ..

بص لي جامد .. بنظرة أول مرة أشوفها عليه من ساعة ما فُقت من الغيبوبة ..
ورد عليا بهدوء / " انت واحد حبّ يغير حاجة في حياة اللي حواليه ..
بس كده .. لكن انت مش وحش .. ومتفكرش كده أبدًا !! "

- لسببٍ ما صدقته !
ورديت لعيه وعينيا بتدمع / (حبيت أغيّر !! .. ويا ترى نجحت فعلا في التغيير ده ؟! )

ابتسم تاني / (وتفتكر الوقاحة دي جت من فراغ ؟! )
وضحك ..

أما أنا مكنتش عارف أضحك ولا لأ !!

| بوووووووووووووووم |

تُراب.. تُراب في كل مكان ..
ودوشة رهيبة ..
حسيت إني باتخنق من كُتر التراب اللي غطانا فجأة في المكان اللي كُنا واقفين فيه !

أما الصوت الرهيب اللي حصل قبل التراب ..
فكان توضيح لغبائنا المُفرط إننا نُقف في المكان ده !

كُنا واقفين عند مبنى ضخم على الشارع العمومي ..
والمبنى كان بيتهد ..
كان فيه بلدوزر .. وعُمال ومهندسين وناس كتيرة بتتفرج !

- قعدنا نكُح احنا الاتنين .. وأنا باقطع في النفس وأقول /
( ايه .. الـ .. الغباء .. ده .. ايه ده !! )

ايه الهد على المكشوف ده ..
ده تخلف فعلا !
ولا أنا اللي باشوف أفلام أجنبي كتير ؟!

- يا دوبك خرجنا من المشهد بالعافية ..
وقعدنا ننفض في هدومنا ..

صاحبي سألني / "تحب نرجع البيت ؟ "

( لأ يا عم بلاش .. خلينا نكمل .. ما احنا أصلا متبهدلين على طول .. )
وضحكت .. وضحك صاحبي ..

بس أنا من جوايا كُنت باهلل /
(أنا مش وحِش .. أنا مش وحِش )

>>>>>>><<<<<<<

- وصلنا عند الميدان اللي بنعدي عليه كل يوم ..
بس كان فيه حاجة غريبة ..
الباعة المُتجولين اللي كانوا بيقفوا في الأطراف دايما ..
كانوا كلهم بيجروا ..
زي ما يكونوا في سبق ..

كان فيه ناس بتدخل الزقايق والحواري اللي بتتشعب من الميدان ..
وفيه هرج ومرج ..
وصوت عربيات بوليس جاي من بعيد ..

عربيات البوليس التعبانة اللي الواحد بيشوفها في بلدنا ..
ومعاها عربيات نُص نقل بتلازمها ..

وعساكر وضُباط أشكال وألوان !

- " يلااااا .. الإزالة !! "
صاحبي قال الجُملة دي .. أما أنا مفهتمش منه حاجة ..

(هاااا ؟؟ .. إزالة ايه .. )

"إزالة يا بني انت .. جايين يلمّوا البياعين .. "

(طيب .. !! )
رديت عليه ببساطة ..
وكملت مشي ..

بس هو سحبني من قفايا ..
وقال لي / "استنى رايح فين .. كده الحتة مقلوبة .. والحكومة حتاخد كل البياعين دول وبضاعتهم "

بصت له باستغراب وهو بيكمل كلامه / " تعال ناخد سكة تانية نمشي فيها .. يا إما نرجع بالتراب اللي علينا ده أحسن ! "

قلت له / (ليه يعني ..) !

وكملت مشي ..
وفيه بياع بيدفع بعربية فاكهة من جنبي ..

وفي لحظة واحدة وقفت مكاني ..
كان فيه مشهد على بعد كام خطوة مننا ..

اتنين بياعين شباب على قد حالهم ..
كانوا بيحاولوا يزقوا عربية الخُضار اللي بياكلوا منها عيش ..
بيزقوها لأقرب مكان مش في الممنوع ..

وجنبهم ركنت عربية بوليس ..
ونزل منها ضابط كُبارة كده ..
كان سنه صُغير ولسه شاب ..
بس كان زي ما يكون ضابط كبير !

- أنا حسيت برعشة أول ما نزل ..
كان شكله مُحترم كده ومهيب ..

بس للأسف نزل ..
ومسك الواد البياع من هدومه وقعد يشد ويهد فيه ..

قريت شفايفه من على بعد .. وطبعا مفهمتش حاجة ..
بس كان من السهل إنك تتخيل الكلام اللي هو بيقوله /
"انت ايه اللي موّقفك هنا يا **** .. أنتم مبتحرموش ولا ايه .. 
ولا لازم نيجي نلمكم كل كام يوم كده !! "

والواد الغلبان مش عارف يرد عليه بايه ..


وبعدها نزل من نفس العربية ضابط تاني ..
رُتبته أكبر ..
وشكله يوحي بالاشمئزاز ..

كان له كرش كبييير !
لو فرد دراعه ، ممكن يطول كِرشه ويُهرش فيه !

نزل من العربية، وراح ناحية الولد التاني ..

مسك طمطماية من عربية الخضار ..
وقعد ياكلها .. حِتة حِتة ..

وبعدها ضرب الواد بالقلم على وشه !!

(نهار أبوك أسود !! )
أنا قُلت بحس عالي !!
ومحستش بنفسي غير وأنا باجري ناحية الاتنين الضباط ..
والاتنين البياعين المتبهدلين ..
وبصوت صاحبي اللي بيجري ورايا .. وبيحاول يمسكني ..


الضابط التخين .. بص لي باستغراب وأنا باجري ناحيته !!

قُلت له وأنا باترعش من غير سبب واضح ..
/ ( جرى ايه!!! .. هي العملية سايبة ولا ايه !!
ولا انت منك له تيجوا وقت ما تيجوا وتنزلوا تورونا العين الحمرا والسلام ... 
يلا يا بلد ************* ) !


- رد الضابط / "وانت تبعهم ولا ايه يا روح أمك ؟! "

(ملكشي ... دعوة .. بــأمي !! )

قلت كل كلمة لوحدها وبعصبية ..
ولقيت نفسي باجري عليه ..

بس تقريبا خبطت في كرشه الأول ..
وبعدها راح رازعني بعزم قوته ..
واترميت في الأرض جنب عربية الخَُضار !!

ساعتها افتكرت إنها مش أول مرة اترمي رمية زي دي !
واضح إني متعود على حاجات كتير !!

>>>>>>><<<<<<<


- الضابط نادى بعلو صوته ..
وهو بيشاور لجموع العساكر المتفرقة في المكان ..
/ "لموهم كلهم !! .. مش عاوز حيوان في الحتة دي !! "


وبدأ كل العساكر يلموا البياعين الغلابة ..
يكسروا لهم بضاعتهم ..
ويشيلوهم على عربيات البوكس ..

كان منظر دموي ..
العساكر مُستمتعة بيه ..
والناس الغلابة مش بتعمل حاجة غير إنها تتحسبن عليهم !
| حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل !! |


- صاحبي وطى عليا .. وحاول يسندني علشان أقوم بسرعة ..

بس الضابط الواطي .. مسك عربية الخُضار وقلبها جنبنا ..

أنا بقى مسكتش ..
أخدت واحدة من الطماطم اللي كان بيتسممها البعيد ..
وحدفته بيها !!

والضابط التاني الصُغير واقف مذهول !!

أما العساكر والضُباط اتلموا علينا ..
وشالونا .. ورمونا في أقرب عربية بوكس ..

وأنا مش عارف يا ترى اللي أنا عملته ده كان صح ولاغلط !
ويا ترى احنا حنروح فين بعد كده !!

أنا مش عارف حاجة ..
أنا يا دوبك واحد كان بيشوف أفلام أجنبي !!

>>>>>>><<<<<<<


- كُنا في عربية بوكس لوحدنا ..
سامعين الصويت والهبد والتكسير حوالينا ..

وفجأة اتفتح باب العربية ..
ولقينا الضابط الصُغير ..

بص لي بذهول رهيب ..
كُنت سامع صوت دقات قلبه من سُرعتها !!
ولا يا ترى دي دقات قلبي أنا !!

" اطلعوا بُسرعة .. اجروا من هنا أحسن لكم !! "

نطينا من العربية أنا وصاحبي ..

قُلت له في حين صاحبي كان بدأ يجري ..

( ليه ؟؟! .. ها ليه ؟؟! )

بس الضابط بعد عني ..
زي ما يكون خايف ..
ورد ونفسه بيتقطع /

" مش عارف .. أنا مش عارف لو ده انت فعلا ..
بس لازم تعرف إن العملية مبقتش زي زمان !! "

"خُد بالك !! "

قال الجملة الأخيرة .. وهو بيركب العربية .. وبيسوقها بعيد عن المكان !

>>>>>>><<<<<<<


- جرينا .. لفينا ..
لفينا حوالين الميدان ..

وصلنا تاني للمبنى اللي لسه بيتهد !

والمرة دي وقفت عنده بنفسي ..
واستنيت وصاحبي بيترجاني إني أمشي ..

استنيت لحد ما التُراب عفرّني !!

ما هو معادش فيه حاجة في حياتي لها معنى ..
غير التُراب !!


- رجعنا وحالتنا تصعب على أي حد ..
يا دوبك كل البلاوي دي حصلت لنا في أقل من ساعة !

وصلنا شارعنا ..
والستات تقريبًا زادوا في العدد ..
محدش عاوز يفتح لنا السكة !
محدش هامّه ..

كُله بيهتف لسيادة النائب !

- طلعنا الشقة تاني ..

ماما فتحت لنا الباب ..

سألتها بسرعة / (فين خالتي .. فين خالتي علياء ؟ )

" مشت !! "
ردت عليا .. وهي مذهولة من منظرنا احنا الاتنين !

(مشت !!!! )
مكنتش مصدق نفسي وأنا باقول الكلمة دي !

(هي لحقت .. )

ماما ردت عليا وهي بتضحك وبتحاول تخلي الأمور بسيطة خالص /
"أصلها خافت مني .. هه .. أصلي وريتها العين الحمرا !! "


العين الحمرا .. العين الحمرا ..
حتى آخر أمل ليا هِرب ..

كُنت لازم أعرف حاجة عن نفسي ..
بس خلاص راح كُل أمل ..

- جريت على البلكونة ..
بصيت على المشهد اللي تحت في الشارع !

الستات الكتير ..
أكوام البشر المُتلاحمة !

قعدت ألف زي المجنون ..
لغاية ما لقيت جردل مركون وفيه مياه ..
وواضح إن ماما كانت لسه بتنضف لوحدها !

أخدت الجردل ..
ودلقت المياه على الناس اللي تحت !

حسيت بهمومي بتندلق معاها !

والستات بتصوت .. وتبص لفوق عليا ..

واخيرًا ..
غرقت نفسي بآخر شوية مياه في الجردل !

غسلت من عليا التُراب !!

>>>>>>><<<<<<<


- جريت بعدها على أوضتي ..
وأنا باترعش .. ومتعصب ..
دخلت الأوضة .. وشفت الكارثة !

في الساعة اللي غبتها ..
الأوضة اتنضفت !

كل حاجة راحت ..

رميت نفسي على السرير .. بهدومي المبلولة ..
وصاحبي بيتحرك جنبي زي خيالي !

دوّرت على ورقي ..
على أقلامي ..
على هدومي المتبعترة في كل حتة ...

مكانش فيه حاجة !!

سحبت قلم من أقرب دُرج في المكتب ..
وكتبت على الحيطة /
( النهارده .. حسيت بانتعاش !! )

بعد كل ده .. انتعاش !!

يمكن أكون مش وحِش ..
بس أنا أكيد مجنون !!




يُــتــبــع ...
مُــصيــبة !



  TNT 
27/6/2010

10 comments:

  1. nayera said:
    Tarek bgad fe 7etat 3agbtny awi awi zai lma kan byd7ak ma3 a7bo we hwa mn gwah by2ol ana msh we7sh we 7etat dl2t e maya we 7assit an kol hmomy ma3aha we 7etatel amal el 25iir ra7 we lama da5al otoh we la2aha ndifa 7assit eno fakad 7aga kbeera we taban el 7etat ely btd7ak fiha tO7fa kal 3ada enta kol mara btktab 27ssan mn el awel bgad ana 7assa eno est7mal 7agat kteer we 2t3zab kteer abl ma yd5ol el 3'yboba dy we ano kan 3ando ahdaf by7awel y7a2a2ha bas fashal 7anshof kol da bas bgad tOoOo7faaaaa msha2llah keep it we kamilha 3ayza 23raf 7asslo eih we 7kyto eih da we shklaha 7atb2a gamda awi ... I likE it zillion time .. we really really thnx 3al tag :D:D:D

    ReplyDelete
  2. نيرة ..

    اديني حتة بوبي دوج آيز !!

    :))

    T

    ReplyDelete
  3. nayera :
    o _ O hehehehehe we niit 7aga kaman el name gamed awi el 3in el 7amra i like it :D

    ReplyDelete
  4. طارق نادر .. طارق نادر
    حراااااااااام عليك اللي بتعمله فينا !!
    الواحد خلاص رسم الشخصيات والأماكن ف دماغه وبقى مستني تطور الأحداث ...... !
    بجد ما شاء الله عليك والله .. كل جزء أحلى من اللي قبله
    فكرّني ابقى أبخرّك ... هيهيهي !! =))

    --------------------------------------------------

    - عاجبني كالعادة الوصف .. بس غريبة ما وصفتش طنط"عليا" لييييييييييه ؟؟؟!! .. هيهي

    - "وفي نفس الوقت كانت النظرة السايدة على وشوشنا ..هي نظرة الشك .."
    لا مؤاخذة في السؤال يعني .. شك من إيه بالظبط ؟؟!!

    - حلووووووووو جدااااا جدااااااا أسلوب الأم وهي بتتناقش مع طنط " علياء" .. !!

    - عاجبني طبعااااا طبعااااااا دلق الميّه ع الناس ... والله العظيم كنت متصوّرة إن ده اللي حيحصل !!

    - "يمكن أكون مش وحِش ..
    بس أنا أكيد مجنون !!"
    وهو ده الكـــــلام المظبوط الحلو اللي انا مستنياااه
    هيهيهيهي =)) =))

    -----------------------------------------------

    ربنـــا يكرمك يا مصمص والله ... أمتعتنا بجد !!

    كـــــــل التوفيق يا صديقي

    : )


    Zika Lovett >:D

    ReplyDelete
  5. bgaad 7elwa bas bardo ana 3agbane el no 2 aktr
    bas kaan fe tawdee7 so3'eer btoo3 el azala mabe5dosh el naaas ma3ahom fe el box homa belmo el beda3a baaas momkn yeksaroha aw ya5doha bas malhomsh da3wa bel naas
    tant 7aga fe kelma enta esta5dmthaaa keteer awy sara7a w zawltne ana sha5sen w hea 'ya doppak' :D
    w ana mestenenee ba2a ana leeh lesa matla3tsh :S

    ReplyDelete
  6. طااارق !
    ،،
    طب والله وما لك عليّا حلفان ،، أنا في أجزاء قريتها ،، جالي صداع م الضحك ! إنت مسخرة من الآخررر،، بجد لو كتبت ف الأدب الساخر هيبقى لك مستقبل فيه برضه !

    =)) =)) =))

    بشكل عام يا طارق،، إنت لحد دلوقتي راسم شخصيتك كويس إلى حد كبير،، يعني حسيت إنه بني آدم زينا كده،، شخصية ممكن فيها عيوب بس فيها برضه توازن مع الحاجات الإيجابية اللي فيه ،، هي ممكن الجوانب دي لسه مش ظاهرة ف القصة بس هي أكيد موجودة فيه بالذات لما كل شوية صاحبه يقوله إنه مدين ليه بحياته وكده ..
    أنا مع زيكا ف موضوع الحوار بين الأم وخالة الولد ،، حسيت إنه واقعي كده وبصراحة خلّى عندي فضول إن اعرف إيه اللي هيحصل بعد كده..
    :S
    زي مقلتلك قبل كده،، من الحاجات الكويسة ف الأجزاء عمومًا،، إنك بتدخل أحداث ف النص كده مع السياق نفسه وبتبين جوانب الشخص ده مع الوقت،، وبصراحة بتختار حاجات ف الجووول يعني ..

    لي عندك طلب ،، إنك تنجز بقى وتنتظم في الأجزاء التانية،، عشان فعلاً بعد كل جزء الواحد بيستنى اللي بعده وكمان عشان تستمر ف الموضوع بانتظام ..
    :D

    كفاية الكومنت لحد كده توداي عشان الواحد تعبان النهاردة،، أنا قريتها امبارح بس قلت ابقى أرد لما أكون أحسن يعني
    :D

    ^ ^ثااانكس فور ذا تاااج،، مستر تي
    ما شاء الله بجد .. كيب إت أب
    :D :D :D

    :-bd

    ReplyDelete
  7. Opaaaaa .. !!
    El 7al2aa enharda gamdaa gdnnn .. !! :D
    3gbny awy el aslop .. w kman tatawoor el sha5sya w zohor sha5syat gdeda .. !!
    w kman 3gbtny shewayet makate3 kda zai:
    (جرى اييييييه يا ولية !! )
    El72oo ya gd3aaan .. 5abaar el youm .. 2al eih T By2ol ya wlya :P
    كان له كرش كبييير !
    لو فرد دراعه ، ممكن يطول كِرشه ويُهرش فيه !
    walaahy bashofhoom 3ala toool 3and esm el montazaa =))
    w kol el sowar d medeya el wake3ya lel 7al2a zai el ezala wel bet el bythadam wel om el nfsha 7ad mn 3yalha yndff ma3ahaa :D
    thaanks T .. !!
    day3at 3lya shewayet wa2t mn el tard :D .. !!
    Keep It Up ;)

    Mohab Essam ;)

    ReplyDelete
  8. بجد الحلقات دي . كل واحدة بتشوقني اني اقرء اللي بعدها
    رسمك للشخصيات اكتر من رااائع .اسلوبك التشوقي بيعطي للقصة جمال من نوع من متختلف
    كما استخدامك لمصطلحات فيها خفة بيعطي للقصة نفسها شكل من اشكال الفنانتازيا القصصية بجد انا متشوق جداا للحلقة الجديدة من
    انا بالنسبة لنقطة الحوار فده ممكن يشكف عندك منطقة صنع الحوار . فياريت مثلا تشوف رواية معينة وتحاول تعمل لها سيناريو وحوار وانا واثق انها حتكون رائعة لان اسلوبك يوحي بكده
    الي الامام دائما عزيزي تي

    ReplyDelete
  9. tare2

    its amazing
    de 7ala 7ala2a aretha
    zahaltny w msh 2ader abtl a2raha bgd
    msh 3aref feiha eah shadny awi bs bgd ra32a



    " مش عارف .. أنا مش عارف لو ده انت فعلا ..
    بس لازم تعرف إن العملية مبقتش زي زمان !! "

    el 7etta de gamda awiiiiiiiiiiiiiii bgd

    amazing ya tare2 :D

    ReplyDelete
  10. tareeeeeeeeeeeeeek :D:D
    hwa el zabet nazelo leh
    ha leh
    ha leh leh :P:P
    gmda awiii bgd ; )
    mstnyaaaaaaa el 7ala2a ely b3dhaaa : )

    ReplyDelete