Microphone... مـيكروفـون !

It starts Underground!

* كشخص أُصيب بصدمة حادة بعد مُشاهدته -غير المُتعمَدة- لفيلم 365 يوم سعادة الذي بدا وكأنه هُناك من ضغط على زر الـ Replay لأغنية (دين مارتن) الشهيرة Sway ليتم تشغيلها طِوال الفيلم تقريبًا... كان من المُفترض أن اكتفي من مُشاهدة الأفلام العربية في السينما، بل والإكتفاء من مُشاهدتها على الإطلاق.

لكن مُشاهدتي لإعلان فيلم (ميكروفون) كانت دافعًا للحرص على مُشاهدة الفيلم، على أمل أن يكون تجربة جديدة ومُثيرة في صناعة السينما المصرية، وبالفعل قد كان.

فيلم (ميكروفون) بدا لي في بداية الأمر فيلمًا وثائقيًا أكثر من كونه روائي، لكن سُرعان ما اكتشفتُ أن الدراما في الفيلم هي دراما الشخصيات، لا دراما الأحداث... حيث أبدع الكاتب -وهو ذاته المُخرج- (أحمد عبد الله) في عرض مشاعر وأحاسيس جميع الشخصيات سواء كانت أساسية أو ثانوية، بصورة تجعلك لا تُفكر ما السبب في ذلك، أو ما الظروف خلف هذا الحدث... بل فقط تجد نفسك ناجحًا في استشفاف مشاعر الشخصية بصورة مُثيرة، وذلك من خلال التركيز على التفاصيل الدقيقة والمواقف البسيطة التي تحدث في إطار الحياة اليومية للشخصية.

دعك من كُل هذا، فقصة الفيلم فريدة في النوع والعرض، فهي تدور في شوارع مدينة الإسكندرية لتتناول حياة مجموعة من الفرق الموسيقية غير الظاهرة، إمّا بسبب نوعية موسيقاها كموسيقى (الهيب هوب) والـ (Metal)... أو لأنها وبكل بساطة لم تجد الفُرصة المُلائمة... ويُحاول أحد الشباب العائدين للتوّ من أمريكا ويقوم بدوره (خالد أبو النجا) أن يجمع هذه الفرق المُختلفة في حفلٍ واحد، مُحاولاً في ذاتِ الوقت أن يعمل على إصلاح علاقته بحبيبتِه السابقة، والتي تقوم بدورها (منة شلبي)... ويتداخل مع ذلك عرضًا لفن الـ Graffiti أو الكتابة والرسم على الجُدران، وكذلك هواة الـ Skateboarding المُنتشرة في أماكن مُختلفة بالإسكندرية، وفنون أخرى مثل التصوير وصناعة الأفلام القصيرة.

* ما يجعل الفيلم مُختلفًا -بجانب القصة- الإخراج المُتميز والتصوير من زوايا جديدة لم تعهدها السينما المصرية، خاصةً أن (ميكروفون) هو الفيلم الأول الذي يتم تصويره بكاميرا فوتوغرافيا واحدة فقط، استطاع بها المُصور أن يخطف واقعية الشخصيات، وبساطة الأداء... ولا أنسى الإطار الغنائي الذي افتقدته السينما المصرية أيضًا، من خلال مجموعة مُختارة ومُوّظفة من الأغاني العربية... وكشخص يهتم بالأفلام الغنائية والموسيقية الغربية، لم أتوقع أن تنال أي أغنية على إعجابي، لكن يكفي أغنية (مِرسال لحبيبتي) لـ (علي الهلباوي)، وأغنية (أبعد مكان) لفريق (ماسكارا).

* عيوب الفيلم على الرغم من أنها كانت واضحة، إلا أنها -من وجهة نظري- لم تؤثر... فقط خرجت الأحداث عن تتابعها في بعض المشاهد، والإضاءة خانت التصوير في بعض المشاهد... كما أن هُناك أحد الشخصيات التي شعرت إلى حد كبير أنها لم تكن ذات أهمية كُبرى في الفيلم، لو أنك حذفتها من سياق الأحداث لن تؤثر على الإطلاق... كذلك هُناك ما استفزني، والحق يُقال أنني لا أدري إذا كان العيب في السينما أم الفيلم، ولكن مزج الصوت مع الموسيقى لم يكن على درجة عالية من الكفاءة.

* أخيرًا... هل (ميكروفون) هو أفضل فيلمًا مصريًا شاهدته؟!... لا أستطيع الجزم بذلك، خاصةً أن هُناك مجموعة كبيرة من الأفلام التي لم أشاهدها مثل (رسائل البحر)، (هليوبليس)، و(جنينة الأسماك)... لكن (ميكروفون) بالطبع أحد هذه الأفلام الجديدة، والذي أعتبره شخصيًا نُقطة تحول في مسار صناعة السينما المصرية... أنصحك بشدة بمُشاهدة الفيلم، فقط تجنب الآراء التي تقول أن الفيلم مُمل أو غير ذلك، فمشكلة هؤلاء تكمن في الذوق، أو ربما العقل.

T

14/2/2011