أعترف أن الأمر ليس بجديد، لا الفكرة، لا الأسلوب، لا الحدث ذاتِه، فمثلِ هذه الأوضاع شاهدنا الكثير... لكن رُبما يكون الاختلاف الوحيد هو (مُسبب) الحدث، ألا وهو قرار وزير التربية والتعليم -شافاه الله وعافاه- بتحويل بعض مدارس الإسكندرية القومية إلى مدارس تجريبية، وعلى الرغم من أنني لم أنتمِ من قبل لأيٍ من هذه المدارس، فانا أكنُ لها احترام شديد، على الأقل كونها من علامات الإسكندرية وتُراثها.
ما علينا !
أنا في الأصل في حالة لا تسمح لي بمُتابعة تفصيلية للأخبار، فلا أدري إن كان القرار تم توقعيه أم إيقافه، أو حتى لو كان الوزير من كوكب آخر... ما يُهمني هو الحدث الذي تلا هذا القرار، وهو الوقفة التي انطلق بها طالبات وطلبة -بالترتيب الفعلي للإنطلاق- مدارس مدارس الـ EGC والـ EBS وغيرهم... الوقفة التي بدأت باندفاعية، ثم استكملوها بصورة سلمية صامتة احتجاجًا على قرار الوزير ومُطالبةً بإلغائه.
فاليوم، أثناء طريقي إلى الكُلية الموّقرة القابعة في الحضرة بجوار المدافن، وأثناء المرور من شارع أبو قير، تذكرت أن هُناك وقفة في الشارع الواصل بين مدرستي الـ EGC والـ EBS وكذا مدرسة (الليسيه ليبيرتيه) - لا أتحدث الفرنسية- ... وقفة صامتة مُنظمة، تضم الطلبة والطالبات وأولياء أمورهم... و(فصيلة) أخرى من أبناء الوطن، وهم رجال الأمن المركزي -كالعادة- بعدد يفوق عدد المُحتجين، بشكل مُنظم أيضًا يُحيط الجموع، ويُسلط عليهم الأضواء بألواحهم الزجاجية العاكسة -المُغبرة في الواقع-، أضف على ذلك عدد مهول من سيارات الأمن المركزي.
ألم أقل أن الأمر ليس بجديد ؟!
لك أن تتذكر الوقفات الصامتة التي حدثت على مدار الفترة السابقة، الوقفات الإحتجاجية، وقفات المحاكم، الانتخابات، إعادة الانتخابات... حيث يصطف رجال الأمن والشُرطة حول هذه التجمعات.
أما عن سبب كتابتي لهذه المُدرجة، فهو تعبير عن جُملة خرجت مني عفوًا اليوم أثناء مروري من أمام هذه الوقفة... وقبل أن أذكر الجُملة إياها، سأحكي كيف رأيت المشهد بالتحديد... كُل شيء بدا -للحظة- كسلسلة مثل سلاسل الغذاء التي درسناها في الأحياء...
أولاً/ الضابط الشاب -المُحترم- يقفز أمامي من سيارة الأمن المركزي، ويتبعه العسكري سائق العربة.
ثانيًا/ الضابط -إياه- يأخذ حزامه، وسلاحه، وجهاز اللاسلكي.
ثالثًا/ الضابط يقوم بربط هذه الأشياء حول وسطه بصورة مُستفزة، كاشفًا عن ملابسه الداخلية في مُنتصف الرصيف!
رابعًا/ يتحدث الضابط في اللاسلكي، يُخبر من هو أعلى منه بتمام الأمور، ثم يأمر العسكري بأن يبقى أمام عجلة القيادة.
خامسًا/ ينزل من هم أقل بكثير من الضابط، من عربة الأمن المركزي، من أجل تأدية الواجب.
سادسًا/ الضابط وزملاؤه يجتمعون من أجل ترتيب العساكر حول الوقفة التي التف حولها مئات العساكر بالفعل!
سابعًا/ عساكر الأمن يحمون الشعب.
ثامنًا/ الشعب يقف في صمت.
تاسعًا/ الضابط سعيد بتأدية عمله، وتراه في الأصل لا يدري ما سبب هذه الوقفة، لكن لا بأس طالما أنه يُنفذ أوامر الأعلى منه.
عاشرًا/ الأعلى من الضابط، يعملوا على حماية قرار الوزير... الوزير هو ابن الوطن، وفي خدمة الوطن، وفي خدمة الشعب.
هكذا فقط !
أما عن الجُملة التي قُلتها فهي -بعد حذف السِباب-
Grow UP ya 7okoma... Grow up ya Police
ألا يوجد أي نوع من الحياء يمنع هذه الابتسامة البلهاء، في منع مجموعة كبيرة من الطالبات والطلبة القُصر من الوقوف في صمت!
تذكرت... لا يوجد مثلِ هذا الحياء للطواريء!
بالأحرى للتجمعات التي تزيد عن عددٍ ما -لا أدري كم- !
ما أعرفه جيدًا هو أنك دائمًا ستجد رجال الشُرطة والأمن المركزي، في كُل مكان، من حولك، أمامك، خلفك، مُهمتهم الوحيدة هي أن يُشعرونك بالأمان... فكما تعرف ونعرف، الشُرطة في خدمة الشعب -دائمًا وأبدًا- !
وليس الجميع لديه (حُرية) قمع الحُرية!
وخليك في حالك !
T
29/12/2010
** في وصفٍ سابق لنظرتي عن الأمن المركزي:-
( تقدر تشم ريحة العذاب والغُلب اللي الناس فيه ..
لدرجة إنك متعرفش مين في العربيات دي ؟!
عساكر ولا مساجين !! )
من حكاية مُصيبة 7
بتاريخ 11 يوليو 2010