لم يُعلمه أحد أصولاً للمهنة، ولم يهتم من حوله بما يكتب في البداية... لكن الحقيقة التي عرفها لاحقًا هي أنهم كانوا يترقبونه، يُتابعونه باستمرار، وكل كلمةٍ يسمعها من الماثلين أمامِه يقوم بتسجيلها، يُدونُها كما هي، يُدونُ حتى مواقع الشهيقِ والزفيرِ، وأصوات الأنفاسِ المكتومة والمُتهدجة للمُتقدمين ببلاغاتِهم أو للمُدعي عليهم.
لكنّ أكثر ما ميّزه عن غيرِه من حاملي لقب (المُحضر) أنه كان يخُطُ نبراتِ الأصوات في كتابتِه، فتتأرجح الحروفُ في التوتر، ويُصقلُ الخطُ في الثبات... وعلى هذا كان أفضل (مُحضر).
* ثُم وسوسَ له أحدهم، أخبره أنه على الرغم من كونِه الأفضل إلا أن ما يكتب لن يُحفظ، فتلك المحاضر بين الرفوف لم تُصف لجودتِها، إنما لكونِها كُتِبت كما أرادوا... وهُنا كان عليه أن يختار بين البقاء على المقعدِ والتدوين، وبين التربُع بذاتِ القلم والرُقع على عوارض الأرصفة يعمل كـ (عرضحلجي).
* وكعادتِه كان الأفضل، حتى في نوعية المحاضر المطلوبة هذه الأيام، الأفضل في فنون التحويلِ والتحوير... يجعل الباكي مُنشرحَ الصدر، والشاكي مُدّعى عليه... وعلى هذا احتلت محاضره جميع الصفوف، يطلبه الجميع لتسجيل الوقائع المعروضة أمامهم... وهو لم يترك فُرصة لأحدٍ غيره ليكتب، فقد كان كفيلاً بالأمور، وكان يتحرك مُلتصقًا بمقعدِه.
حتى حضر يومًا للعمل... لم يجلس أحدًا سواه، بينما الجميع يهرول، هؤلاء يحمون القسم، وهؤلاء يُجرون اتصالات عالية الأهمية... وما عاد أحدًا يتقدم ببلاغاتٍ للتدوين، وتبدّل الأُناس من حوله... حركة تنقلات أصابت الجميع عداه، بقى في مكانه مُلتصقًا يُشاهد طريقة الكتابة تتبدل وتعود إلى ما كانت عليه لمّا بدأ العمل أول مرة... تعودُ إلى (النزاهة).
* أخبره أحدهم أن هُناك (ثورة)، أنها بدأت وانتهت ومُستمرة، أنها غيّرت الكثير، غيرّت البشر والعمل وغيرّت المهنة، وأن عليه الآن أن يتفوق من جديد ويكون (الأفضل) في (النزاهة)... حاول أن يُسجل وقائع حرق الأقسام بشفافية لكنه فشل، حاول أن يُساهم في ورديِة الحياة المرغوبة لكنه فشل... وعلى هذا استمر في المحاولة والفشل، حتى اكتشف السبب.
* تذكرَ محاضره المحفوظة، المصفوفة في المخازن، المحاضر المُلفقة، الدموية، التي أجاد تزييفها، المحاضر التي نجت بنجاة القسم من الحرقِ... تذكرها وعلِمَ أن قلمه سيفقد (أفضليته) بوجود هذه المحاضر تؤرق ضميره... وعلى هذا غافلهم في ليلة وجابه البقاء في المقعد... نهضَ وأشعلَ بنفسه في القسم، ثُم حرر أول محضرًا له بعد (الثورة)... حرره ضد نفسه، واحتفظ بكونِه الأفضل.
TnT
in The TOWN
3 يوليااععـ 2011
La2 feha fekra
ReplyDeleteGamda 2wy Nice one a T
First comment
Ted :D
التحول .. انت حولت القصة تماما بعد ما اقنعت القارىء ان الكاتب كان محترف و نزيه و عجبتنى النهاية عشان هو حس اد ايه كان ظالم و حرر محضر لنفسه عشان ظلمه و تأنيب ضميره :) أنا أحترم هذه القصة
ReplyDeleteالنهايـــــــــة رائعــة رائعــة رائعة !!!
ReplyDelete،،
طبعًا بما إني شفت أولها وهو لسه بيتكتب لانج ... فطبعًا مبهورة ببقيتها ونهايتها الفظييييييعة دي !! :D :D
،،
الوصف أكتر من رائع طبعًا ف الجزء إياه ده :D :D
"أنه كان يخُطُ نبراتِ الأصوات في كتابتِه، فتتأرجح الحروفُ في التوتر، ويُصقلُ الخطُ في الثبات... وعلى هذا كان أفضل (مُحضر).""
وكمان فــي ..
""
وكان يتحرك مُلتصقًا بمقعدِه.""
،،
رائعــــة يا تــي كعادتك !!
تابع إمتاعنا ! : )
Zika Lovett
T chapeau bgd its so freakin wow thumbs up for u bgd :-bd
ReplyDeletei like this part awy
أنه كان يخُطُ نبراتِ الأصوات في كتابتِه، فتتأرجح الحروفُ في التوتر، ويُصقلُ الخطُ في الثبات... وعلى هذا كان أفضل (مُحضر).
kolha 3la b3dha 7elwa :)
انت عاملتها ازاااااااي ديه !!
ReplyDeleteما شاء الله عميقه اوي و الاسلوب بتاععا فعلا يدل علي تميز كاتبها .. تسلسل الاحداث عاجبني و كمان القصه قويه و اختيارك للشخصيه موفق .. احييك عليها يا طارق .. و كمان ما شاء الله قدرتك علي كتابه مواضيع عميقه و معقده الافكار في سطور بسيطه ده ابداع و عبقريه بجد !!
you gotta be proud of yourself TAREK ^_^
contessa sarah :D
طارق .. يعني ايه عرضحلجي ؟؟؟
ReplyDeletexD ..
gamda gedan .. like it
ReplyDelete3gbtni el nhaya awi f3lan :)
ReplyDeleteNice one ^^
Gamda awy ya T
ReplyDeletego on
mohamad elsayed
** العرضحلجي .. هو عارض الحالة..
ReplyDeleteأو الكاتب العمومي ... الناس اللي بتكون قاعدة أدام المحاكم والأقسام وبيخلصوا الأوراق للبني أدمين :D:D:D
طارق .. اولا . ما شاء الله .. ربنا يباركلك .. كتاباتك رائعة زي العادة .. بجد .. ربنا يوفقك .. القصة عجبتني جدا .. فكرتها جديدة .. و عجبتني نهاية البطل .. انو الثورة غيرته زي ما غيرت الناس من حوله .. فى ليا يعين ,, شوية اقتراحات .. يا رب تعجبك ,, و ما تبقاش يعني .. ما لهاش لازمة .. عشان انا مش جامدة اوي فى الكتابة و الحاجات دي :)
ReplyDelete1- الفقرة التالتة ممكن تبدل مكانها مع الفقرة التانية انا حاسة انو ده هيخلي القصة مترابطة اكتر.
2-الفقرة الرابعة :" حتى حضر يوما للعمل, لم يجلس احد سواه ,بينما الجميع يهرول" ممكن تبقى " حتى حضر يوما للعمل و فأذا الجميع يهرولون .. هوْلاء .... "
"
3-برضو فى نفس الفقرة بدل كلمة "الأناس" يعني حاسة انو كلمة "ناس" تليق اكتر .
4- الفقرة الخامسة "اخبره احدهم ان هناك ثورة , انها انتشرت,انها غيرت ..."
ممكن بدل كلمة "انها" تكرر كلمة "ثورة " فتبقى الجملة "ثورة انتشرت , ثورة غيرت " حاسة انو هيكون لها وقع و تأثير اكبر .
و ده رأيي المتواضع .. أعتذر على الاطالة .بس فى الأول و فى الاخر .. هى قصة جامدة .