Monday, August 16, 2010

حكايـة مُصـيـبـة !! (12)

حكاية مُصيبة !


| الحلقة الثانية عشر (12) |
 "عـودة الأب الـضـال ! "

نو
الوقت كان قبل المغرب ...
كُنت راكب مع أبويا في العربية...
سامع صوت المطر على الإزاز ...
ما هو أصل احنا كنا في فصل الشتا... فصلي المُفضل..
ولسه راجع من بيت أكرم...
وأنا لابس جاكت أبيض (كالفين كليين) أصلي من اللي متلاقيش
منه في بلدنا بسهولة في الوقت ده ..

شكلي.. هدومي.. أبويا.. العربية اللي احنا راكبينها...
كُل حاجة بتقول إني شاب مدلّع من عيلة غنية ..
وأهم حاجة بتقول كده كانت أبويا ..
بمظهره الساحر ... تحس إنه أخويا الكبير مش أبويا ..

كان ساكت وهو بيسوق ..
وبعد دقايق بدأ يصفّر ..
أما أنا فمكنتش طايق اسمعه ..
كنت باحاول أركز مع صوت دقات المطر على الازاز ..
كنت باحاول أشم ريحة هوا الشتا اللي بحبها ..

لغاية ما أبويا فرمل فجأة ..
عجلات العربية حكت في الأرض بصورة محسوسة...
كان فيه لجنة !


حوالي 3 أو 4 عربيات بوليس..
ودستة عساكر واقفة على قمة الشارع اللي احنا ساكنين فيه ..
بشكل مُنظم .. بشكل يدل على إنهم في انتظار شخص معين ..
وأبويا كان عارف ده كويس ..

أبويا لبس حزام الأمان اللي محدش بيستخدمه ..
أما أنا فمكنتش مركز ..
 كنت لسه سرحان مع المطر اللي انضاف لمشهده لون الغروب البديع ..

أبويا دوّر العربية ..
واحد .. اتنين .. تلاتة ..
وصل عند اللجنة ..

أربعة .. السرعة زادت جدًا ..
خبط في الموانع اللي موجودة ..
العساكر تفرقت ..
وفيه ضباط ركبوا عربياتهم ..
والعربيات التانية بدأت تتحرك ورانا ..

خمسة ..
كنت باحاول أخد نفسي ..
كنت باحاول أمسك حزام الأمان ..
لكنه فجأة تحول لكائن حي ملمسه ناعم ..
زي ما يكون تعبان .. مش قادر أمسكه ..

السرعة زادت أكتر ..
وأبويا كان بيضحك ..
أما عربيات البوليس فكانت ورانا خلاص ..

بدأ يلف ..
ويلف ..
يدخل في شارع ويخرج من شارع ..
الكلام اللي مش بنشوفه غير في أفلام الفيديو ..

أخيرًا .. لبست الحزام ..
كنت باصرخ ..
وباترجاه أنه يقف ..
أما هو فكان بيضحك ..

وفضل يضحك لغاية ما غاب عن عيون كل العربيات ..
واضطر أخيرًا إنه يفرمل ويقف ..
حتى فرملته كانت استعراضية ..

ضحك بهيستيريا !
وقعد يخبط على ديركسيون المرسيدس اللي احنا راكبينها !
أما أنا فكنت بانهج .. وباحاول أخد نفسي .. وأمسح عرقي ..
كان عندي رغبة واحدة .. إني أنزل من العربية ..
وأقف تحت المطر .. وأجري !!

أبويا فك الحزام ..
وقام خابطني بعزم دراعه على كتفي ..
وقال لي وهو لسه بيضحك /
" شفت .. شفت ؟؟ .. لمّا تكون ضابط .. متكونش خيبان زيهم كده .. "

برّقت له .. ولساني اتلجم عن الرد ..
وافتكرت إنه لسه مصمم إني لما أكبر أكون ضابط ..
وعلى عكس كل الآباء في الزمن ده ..
مكانش عاوزني أكون ضابط علشان أحمي بلدنا – لا قدر الله-
لأ .. كان عاوزني أكون ضابط علشان أهيص !!
علشان أعمل اللي أنا عاوزه ..

نزل من العربية ..
وهو لسه بيضحك ..
وبيعدل شعره اللي اتنكش ..
وبيلف تحت المطر ..
ويبص للسما ..

أبويا مكانش مُدمن مخدرات أو حاجة ..
لأ .. ده كان عنده المُخدر الخاص بيه في عقله ..
مكانش محتاج أي حاجة ..
مكانش محتاج وجودي أصلاً ..
وبكل بساطة عرّض حياة ابنه الوحيد للخطر !

الوقت دلوقت كان بعد المغرب ..
حسيت إني في الدقايق اللي فاتوا زدت سنة كاملة في عمري ..
وإني بقيت 16 سنة بدل 15 !

المرة دي كانت آخر مرة أركب مع أبويا العربية ..
وكانت أول مرة أحس إني باكره الشتا والمطر !
وكانت أول مرة أكتشف ..
لأ مش اكتشف .. أتأكد ..
إني باكره أبويا !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

- أكرم ..ماما .. أبويا الحاج عرفة !
وأنا !! .. كلنا واقفين في مدخل شقتنا !
كله بيتبادل النظرات ..

أبويا بيبص لأكرم بنظرة احتقار وترقب..
ولأمي بنظرة تحدي ..
وواضح جدًا إنه مكنش متوقع صدمة إني أكون افتكرت كل حاجة ..
فده يعني إني افتكر كلا بلاويه معايا .. ومع أمي .. ومع الناس كلها !

أما أكرم فكان بيرد عليه بنظرة بدون معنى ..
نظرة مُستفزة مليانة غموض ..
وأهم حاجة إنها أبعد ما تكون عن الخوف ..

ماما بقى .. كانت بتبص له نظرة (ليك شوق في حاجة؟)
لو عندك حاجة .. قول وسمعني ..

أما أنا ..
أنا كنت مبسوط اوي ..
كنت فرحان فيه بسبب الصدمة اللي تلقاها دلوقت ..

دققت في شكله شوية ..
مش حُبًا فيه ..
لأ .. استفزاز مش أكتر !

دقنه كانت طويلة عن المعتاد ..
بس مش أول مرة ..
ما هو ياما تمحك في أصحاب الدقون ..

أما شعره فكان مُتناقض طبعًا مع اللحية !!
كان تقيل وناعم .. وبيلمع ..
واضح أوي إنه صابغه !

وطبعًا .. البرفان المُعتاد ..
والجزمة .. والبدلة .. والساعة ..
كُل حاجة مُستوردة من أفخم أماكن !

هو الراجل ده كان في السجن ؟!
سجن ايه ده يا ناس !!

لاحظت إنه معهوش أي شنطة ..
وحتى أكرم مش شايل عنه شنطة مثلا ..

" يعني انت افتكرت ؟ .. كويس والله !! "
أخيرًا كسر حواجز الصمت والترقب في المكان !

رديت عليه / (اها .. افتكرت .. ! )

أخد خطوتين ناحيتي ..
وراح خابط على كتفي ..
وقعد على الكرسي اللي جنبي ..

حط رجل على رجل ..
وطلع سيجار !
ولّعه بكبرياء غير عادي !

"سمعت إن ريم جت زارتك أكتر من مرة !! "
وجه لي الجملة ... وسكت للحظة ..

"وحشتني البنت دي !! "
كمّل كلامه، وأخد نفس من السيجار !

"مش حتأكلينا حاجة بقى من عمايل ايديكي يا أمل !؟"
بصّ لماما نظرة حالمة .. زي ما يكون بيعاكسها ..

أكرم قفل باب الشقة اللي كان لسه مفتوح ..

أبويا بص له بصّة سريعة ..
ورجع تاني يواجه ماما ..

ماما / " أعتقد إنك جاي تشوف ابنك .. مش جاي تتضايف .."

ضحك .. وهو بيكح في نفس الوقت !!

"تؤ .. تؤ.. تؤ... مش معقول يا أمل ..
ايه خلاص مبقيتيش حتى عاوزة تاكلي معايا ؟!"

"والله .. عندك مراتك تروح تاكل عندها .. وعندك بنت تانية لازم تشوفها !
أما هنا .. فملكش حاجة عندنا !! "

ماما ردت عليه بحزم .. زي ما تكون محضرة الكلمتين اللي حتقولهم له ..

" هه .. ليه بس .. "
مطّ الكلمتين بشكل مُستفز .. وهو ما زال مُتجاهل وجودي ..

" ما اهو احنا لازم ناكلوا مع بعض كده .. أكلة عائلية واحدة ..
بس طبعًا بعد ما صاحبك يمشي .. "
شاور على أكرم بصُباع واحد !

أكرم بص لي .. وفتح باب الشقة اللي لسه قافله ..

( الأحسن إنك تمشي .. أنا كويس !! )
أخيرًا نطقت .. وجهت له كل كلمة بحذر ..
أنا برضه مكنتش عبيط ..
حاولت أحسسه إنه غير مرغوب فيه بس بطريقة لطيفة ..
أصل الواحد ميعرفش أبدًا هو ممكن يتصرف ازاي !

عوّج رقبته وبص لي من تحت لفوق ..
وقال / "حاضر يا ماااااااااااازن !! "

كان عارف قد ايه أنا باكره الاسم ده !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

- بعد 6 شهور من حادثة العربية مع أبويا ..
كان واحد من أسود أيام حياتي ..
لو أي حد عدى على بيتنا في الوقت ده ..
حيتخيل إن اليوم حيكون يوم عادي ..
بس أنا كنت عارف كويس إنه مش حيكون كده ..

كان فيه صوت همهمة ..
على أنغام أغاني (فرانك سيناترا) ..
كان فيه ريحة قهوة ..
وريحة برفان مُعتادة ..

أبويا كان بيتشيك وبيستعد للخروج ..
لكن الموود الرهيب ده .. بيعني إنه بيستعد لمصايب كتيير ..

خرج في صالة البيت الواسعة ..
شرب آخر ما تبقى في فنجان القهوة ..
وبعدها ناداني / "ماااااااازن ... ماااااااااااااازن ... مااااااااااااااااااازن .."

أنا أصلا أوضتي مكانتش بعيدة اوي كده ..
فحسيت إن صوته بيرعد في وداني ..

أخدتها جري من الأوضة للصالة ..
ووقفت جنبه / (اييه .. فيه ايييه ؟!)

حط ايده على دماغي .. وقعد يلعب في شعري بصورة مُستفزة ..
وبعدها قال لي على الصدمة /
" من بكره .. مفيش مدرسة تاني .. ملهاش لزمة ..
انت تنزل معايا تتعلم في الشركة .. وبالليل حاعيشك في الحركة .. "

احتجت وقت طويل ... طويل جدًا ...
علشان استوعب كل كلمة هو قالها ..
خاصة مع نبرته العادية بصورة مُريبة ..
زي ما يكون بيقول لي / " أنا باحبك يا بني .."
مع مُراعاة إني مش فاكر آخر مرة قال لي الجملة دي كانت امتى !!

حاولت أفلت من ايده اللي بتلعب في شعري ..
وقلت له / ( أكيد لأ يعني .. وانا ايه اللي يخليني اروح معاك الشركة ولا زفت ؟!)

بدأ يضغط على دماغي ..
ولعبه في شعري .. تحول للعب في أعصابي ..

صرخت بصوت منبوح ..
وفي لحظة ماما خرجت بتجري من أوضتها ..

زعقت فيه / " بتعمل ايه .. ؟ عرفة ؟؟!! "

" ابنك مش عاوز يسمع الكلام .. ويفلت من المدرسة دي .. بلا تعليم بلا نيلة ! "

"سـيـبـه .. "
ماما حاولت تشد ايده من فوق دماغي ..

أما أنا فكان ممكن أقاوم بسهولة ..
بس بالرغم من كل ده .. أنا كنت متربي .. من ناحية أمي على الأقل ..

ماما كملت كلامها ..
" وهو انت عاوزه يكون زيك والسلام .. بس هو عمره ما حيكون شبهك !"

ضحك ضحكة من إياهم ..
" ما هو شبهي اهو .."
" مش شايفة الشعر ..؟ "
بدأ يشد في شعري ..

" مش شايفة الوش ؟!"
ساب ايده ..
وقام خابط الكرسي اللي جنبه برجله ..
واخد شنطته من على الأرض .. ومشى !

في اليوم ده ..
كانت أول مرة أقرر إني أهرب من البيت .
بس ده محصلش دلوقت ..
والسبب الوحيد ..
إن أبويا لما رجع ..
كان كل شيء كأنه لم يكن !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

أنا باكره اسم مازن ده جدًا ..
وهو عارف كويس أد ايه أنا باكرهه ..
علشان كده كان بيتعمد يناديني بيه .. ويطول في الاسم كده ..

قال لي وهو بيقوم من على الكرسي ..
" إلا صحيح .. انت ناوي على ايه بقى ؟؟ "
" أنا فاكر كويس إنك كنت ناوي تعمل حاجة قبل الحادثة ..
ولا خلاص قررت تتراجع عن تهورك ؟؟ "

بصت له باستغراب ورديت عليه وأنا رايح ناحية باب الشقة علشان افتحه على آخره /
(أنا عمري ما كنت متهور !! )

" ما هي دي المشكلة يا مااازن .. "

( دي أفضل حاجة بالنسبة لي .. إني مكونش زيك !! )

"ههه .. ماشي يا مازن .. بس لو انت فاكر فعلا يا مازن ..
فحتفتكر يا مازن .. اللي قلته لك قبل حادثتك ..
واللي انت قررت تمشي بيه فعلا يا مازن .. وكل ده كان ايه يا مازن ؟
تهوووور !!! "

المرة دي بقى .. كنت حاسس إني رجعت الغيبوبة .. وإن فيه عيل صغير بينفخ في قفايا ..
وكل نفخة بمااازن !

ودلوقت كنت بدأت انتقل من مرحلة السيطرة على الأعصاب ..
لمرحلة الخروج عن الشعور ..

بس فيه ايد مسكتني ..
كان أكرم ..

بصت له كويس .. وبص لي بصة آمرة .. إني بلاش اطبق كلام السيد الوالد .. وأتهور !

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

كان فيه يوم .. أسوأ من اللي حكيته ..
كنت قاعد في البيت لوحدي ..
باعزف على الجيتار الاليكتريك .. وأنا اصلا مش بافهم فيه اي حاجة !

وفجأة فتح باب الشقة ..
أمي دخلت عليا ..
كانت متعصبة ..
ووشها آحمر .. وشكلها متبهدل ..

قالت لي بسرعة وبنبرة كلها أمر وحزم /
" حضر لك شنطة هدوم .. بسرعة .. بسرررعة .. "

وبعدها اتفتح الباب مرة واحدة !
ودخل أبويا ..

كان شكله أسوأ من المعتاد !

أنا اخدت بعضي .. وقمت طالع أجري على اوضتي ..
قفلت الباب .. وسندت عليه بضهري ..
وانا باحاول اسمع اللي بيحصل برا ..

وللأسف فهمت .. فهمت كلام محدش ممكن يتمنى إنه يعرفه في سني ده ..
وعرفت إن أبويا متجوز على أمي ..
لأ ومش بس كده .. دي مراته التانية حامل كمان !

وساعتها .. حضرت شنطة هدومي ..
بس مستنتش إني أخرج مع ماما !
لأ ..

هربت من بيتنا !
ورحت قعدت عند أكرم ..
وماما طبعًا لما عرفت كان قلبها مقبوض عليا ..
وخايفة إني أكون عملت حاجة في نفسي ..
بس الغريبة إنها سمحت لي إني أفضل عند أكرم ..
خاصة إن إهله كانوا مسافرين .. وحتى لو مكانوش .. فهم مش حيكونوا ممانعين ..


وفعلا .. قضيت شهور عايش عند أكرم ..
كنا أكتر من الاخوات ..
وساعتها طلع عليا اسم –مُصيبة-

كان أكرم دايمًا هو اللي موجود ..
كنا بنعمل كل حاجة مع بعض ..
وكنا أكتر اتنين مشهورين في المدرسة ..
للأسف كنا مشهورين بإننا ضايعين ..
وده طبعًا بسبب عدم اهتمام أهلنا بينا احنا الاتنين ..

وزي كل طلبة مدرستنا اللي من مستويات عالية بغباء ..
شربنا سجاير ..
ووضعنا أول خطوات لينا في طريق الانحراف ..

بس جت لخظة حُرية ..
لمّا أبويا اتسجن لأول مرة .
في نفس الأسبوع اللي طلّق فيه ماما !!


يااااااااه ...
ده انا عانيت مُعاناة !!
مُعاناة كانت مليئة بالتهور طبعًا ..
وده لغاية ما أنا وأكرم اتغيرنا .. وحالنا انصلح ..
- تقريبًا - !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

أخيرًا ..
أبويا قرر إنه ينزل ..
وأكرم كان نازل معاه يوصله لتحت ..
لكنه شاور له إنه يقف مكانه !

أنا وأكرم قعدنا بمجرد ما نزل ..
في حين ماما بصت لي بصة عميقة .. زي ما تكون بتطمن عليا ..
ودخلت أوضتها ..

بس أنا كنت كويس ..
عادي يعني ..
أنا ياما شفت من الراجل ده ..

بس اللي كنت مستعجب منه .. هو إني كنت بافكر في كلامه ..
حكاية التهور .. وانا ايه اللي ناوي أعمله بعد كده ؟
ما هو ده اللي كان شاغل بالي اليومين اللي فاتوا ..
من ساعة ما رجعنا من العاصمة من عند مروان ..

" مااااااااااااااااااااازن ... مااااااااااااااااااازن !! "

كان صوت ابويا ..
بيزعق .. من الشارع ..

قمت  أنا وأكرم بسرعة ... جرينا ناحية البلكونة ..
وماما كمان كانت جاية ورانا ..

بصينا عليه ..
كان واقف جنب العربية اللي جايباه ..
وبينادي عليا ..
" ماااااااازن .. مااااااازن .."
وهو باصص لفوق ..

طبعًا الشارع كله كان بيتفرج علينا ..
والناس بدأت تخرج للبلكونات ..
حتى سمر .. سمر ومعاها عمرو !
الاتنين خرجوا.. وبصوا على المشهد الرهيب ..

أنا فاكر كويس ..
إن المشهد ده حصل قبل كده ..
لمّا ماما جابتني وعشنا في الشقة اللي احنا فيها دي ..

وساعتها ..
انا كنت خلاص متيقن ..
إني ما بيني وما بين أبويا مفيش أي نوع من العمار ..
وإني مش فارقة معايا حاجة !

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
قبل الحادثة .. قبل الغيبوبة ..
وقبل كل حاجة ما تنقلب رأسًا على عقب ..
قبل الكلام ده كله بكام يوم..
أنا كنت في السجن ..
كنت بازور أبويا ..
مُضطر ..

وده لإن كل حاجة سائت ..
أنا وسمر سبنا بعض ..
سمر أبوها مات .. تقريبًا بسببي ..
وابن خالتي راح فيها هو كمان ..
وناس كتيرة بقت معارضاني في الخطوة اللي ناوي أخدها ..
كنت خلاص باتوصف إني شخص مجنون ..

ولإني كنت صدقت إني بقيت كده ..
فكنت محتاج رأي حد أجنّ مني ..

وعلشان كده رحت السجن ..
وقابلت أبويا ..

والغريبة إنه كلمني بطريقة عادية خالص /
" يا مااازن .."
بغض النظر عن تلذذه بنطق الاسم ..
" يا مااازن .. انت مش جريء ... محتاج تاخد خطوة .. محتاج تتهور .. محتاج تنفض لكل الناس اللي معاك .. "

والأغرب إني اقتنعت بكلامه ..
وبسبب ده .. انتهت الأمور إني بقيت في غيبوبة !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الوقت .. كان نُص الليل ..
محدش حاسس بحاجة ..

قمت من سريري ..
كنت مستعد ولابس الهدوم اللي حانزل بيها ..

نزلت ..
ومشيت في الشوارع الضلمة ..
مكنتش باين ..
لإني وعلى غير العادة كانت لابس أسود ..

استرجعت أحداث اليوم في دماغي ..
وازاي أبويا مشى بعد ما فضحنا في الشارع ..

وافتكرت أيام وليالي .. وأحداث وبلاوي ..
كلها كانت بتضيف لي شعور بالاشمئزاز ..

لغاية ما وصلت المكان المطلوب ..
قسم البوليس إياه ..
مكان ما عمرو وأحمد بيشتغلوا ..
ومكان ما اتحبست كتييير أيام الحركة ..

لفيت حوالين القسم ..
كنت عارف كويس الميعاد المطلوب ..
الساعة 1 بالضبط .. العساكر بتتبدل ..
العساكر التعبانين .. الغلابة ..
اللي لو وقفت جنبهم .. مش حيشوفوني أصلا ..

وفعلا ..
المكان كان فاضي ..
وأنا مش محتاج غير 5 دقايق ..

رجيت الاسبراي ..
وبدأت أرشه ..
بجنون .. وعصبية مكبوتة .. عصبية موروثة ..

لغاية ما خلصت ..
ووقفت اتفرج ..

افتكرت يوم ما رحت لأبويا السجن تاني ..
ساعتها وأنا ماشي ..
ناداني وسألني سؤال /
" يا مازن .. لو اخترت ما بين حياتي .. وحياة صاحبك الحبوب أكرم ده ..
حتختار مين ؟ "

بصت له وضحكت ضحكة مُشابهة لضحكاته المُستفزة ، وجاوبته /
" حاختار أي حد غيرك ... يا عرفة .. "

أنا فعلا كرهت أبويا ..
بس مفيش مانع .. إني مشيت ورا نصيحته ولو لمرة ..
زي النهارده بالضبط ..

لمّا قررت إني أتهور ..
واكتب على سور القسم بالبُنط العريض ..

M O S E E B A!

وده فعلا .. لإني قررت إنه وقت العودة ..
اشمعنى أبويا الضال رجع ؟؟!

يُـــتـــبـــع !
مـــــازن !

 T T T T
16/8/2010

5 comments:

  1. mmmmmm i see that u paid attention in describing ur father n making fun of him like in دققت في شكله شوية ..
    مش حُبًا فيه ..
    لأ .. استفزاز مش أكتر !
    دقنه كانت طويلة عن المعتاد ..أما شعره فكان مُتناقض طبعًا مع اللحية. البرفان المُعتاد ..
    هو الراجل ده كان في السجن ؟!
    سجن ايه ده يا ناس !! like yasmina suggested before :))
    n i really like this sentence ماما ردت عليه بحزم .. زي ما تكون محضرة الكلمتين اللي حتقولهم له ..

    f3ln sometimes i do the samy thing : D n it seems that u really miss the winter

    ReplyDelete
  2. kol shwya i forgot to write my name zfta nada saad

    ReplyDelete
  3. بص يا طارق،، انت كرهتني ف أبو مصيبة ده،، وده ف حد ذاته كويس إنك تدخل اللي بيقرا ف المود .. بجد عملته راجل مجنووون أوي،، يعني نجحت ف رسم شخصيته ومظهره نفسه وخلفية المشهد نفسها عملتها صح ف كل مرة كان عرفة ده بيظهر ف الجزء ده ..

    أنا ممكن كنت مش بعمل كومنتات بقالي فترة بس بجد أنا متابعة اللي بتكتبه .. كالعادة مستواك بيعلى ما شاء الله وكل مرة بتطلع بحاجة كده تصدم اللي بيقرا وتخليه يكمل يمكن أكترهم بالنسبة لي كانت لما مازن قابل مروان ومروان طلع مصاب من بعد أيام الحادثة دي.. المشهد ده كان أكتر من رائع بجد !!

    وفعلا واضح من كتاتبتك بشكل عام ف الفصول دي إنك محضر لكل حاجة هتظهر إمتى وبتحضرلها ف الفصل نفسه من خلال الحوار .. وصفك المفصل بيدي للكلام طبيعة السيناريو أكتر من كونها حكاية يعني .. الحاجات دي ممكن تتمثل ويمكن لاحظت ده ف الجزء بتاع عرفة لما كان بيسوق العربية مع مازن وبيقوله إنه لازم يبقى ظابط وكده .. انت عملت المشهد ده صح أوي .. طبعًا مش المشهد ده بس،،يمكن بالنسبة لي الفصل ده من أكتر الفصول المُحكمة أوي ف كل حاجة .. الحوار كويس جدًا وعلى قد ما هو مشحون كده بجو فيه عصبية بين مازن وأبوه مثلا بس ساعات بحس فيه بالكوميديا والحكاية دي عجبتني بصراحة .. شخصية الأب على قد ما أنا كرهتها فعلاً بس من أكتر الشخصيات اللي واضحة قدامي وانت نجحت ف إنك تبين أغلب ملامحه ف فصل واحد ..

    Thumbs Up !! :-bd

    وحاول يا طارق تنتظم ف نشر باقي الأجزاء عشان تستحق القراية بجد ،، وشكرًا ع التاج مرة تانية ..
    : )

    ReplyDelete
  4. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  5. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete