*تنويه: لمُحبي التأويل... أوّل على مزاجك... في النهاية هذا نقل للمشهد بحذافيره.
ا
لمُسلمون مُضطهدون...
مسرحية واقعية حدثت بالفعل- مسرحية من مشهد واحد.
- المكان/ ساحة مُتسعة بالإسكندرية.
- الزمان/ أحد القيامة- 24 أبريل 2011.
- الشخصيات/
أقباط يحتفلون - جموع سلفية - ليــبرالــيــان (مُثنى ليبرالي)-
صبيّ- شيخٌ سلفي- شاب سلفي- مُصوّر- مُقاطِع 1- مُقاطِع 2-
بائعة المناديل- جماهير.
(يُفتح الستار ليكشف عن ساحة واسعة أمام مبنى يبدو شكله كنصف قُرص عملاق، وفي الخلفية صورة لبحر، يمتد أمامه رصيف يقف عليه بعض الجماهير... توجد أصوات سيارات في المكان، ثم تتداخل أصوات صاخبة لجموع غاضبة، وتظهر جماعة كبيرة من المُتظاهرين الشباب والرجال والسيدات)
- الجموع (تهتف): "إســلامــية... إســـلامــية..."
(يرفع المُتظاهرون مجموعة مُختلفة من اللافتات، تحمل بعضها صورًا لسيدة وأخرى مكتوب عليها...
مُضطهدون مُضطهدون... المُسلمون المصريون...)
- الجموع: "إسلامية... إسلامية... مش قِبطية ولا علمانية.."
(تتكاثر النظرات على مشهد التظاهرة، والتي تتوقف فجأة في الساحة.. يخرج العديد من الجماهير كاميراتهم وهواتفهم المحمولة ويبدأون في تصوير المشهد... ثمـ يظهر مُصوّر كبير السن يحمل كاميرا ضخمة، ويخترق بعض الصفوف المُغايرة تمامًا لللجموع السلفية...)
- المُصوّر (يُحادث نفسه): "يـــلا بينـــا... شوفوا نازلين لكم امتى... يوم العيــد"
(يقف مجموعة من الأقباط الذين خرجوا للاحتفال بأحد القيامة، وينظرون للجموع السلفية نظراتٍ مُحتقِنة)
- سيدة قبطية (لزوجها وأولادِها المشدوهين): "طيب هم عاوزين ايه مننا بالضبط؟!!... عاوزين ايه؟!"
(تتوقف أصوات الهتاف فجأة... وينتبه جميع المُتظاهرين إلى حيث وقف صبيّ لم يتعدّ العاشرة، فوق أحد السيارات التابعة للمُظاهرة والتي تحمل عدد ثمانٍ من السماعات الضخمة، ثم يبدأ الصبي الصغير في خُطبة الناس...)
- الصبيّ:
" الســلامــُ عليكمــ ورحمة الله... لـــقد... لـــقد... وإنـــنا... وســوف... والله هو المُستعان... والله أكبــر...
ولا... وإنـــما... ولا حول ولا قوة إلا بالله... والسلامــــــ عليكمــ ورحمة الله وبركاته..."
(يُنهي الصبيّ خُطبته، وتُصفق له الجموع بحرارة، وتتعالى صيحات الإعجاب... الله أكبر... يا ولدي...
ثم يصعد شيخٌ سلفيّ له هيبة، ويبدأ في تكرار الخطبة ذاتها، ولكن بصوتٍ جلَل..)
(يقترب شابان من الوقفة، يبدو عليهم التحرر، ويوحي مظهرهما أنهما لــيبـراليــان، ويُثير الشكوك حول ديانتهما... حيث أنهما يُحققان مُعادلة مُتناقضة الأطراف ألا وهي... الأصــلــع، وذو الشــعر الكانــيــش...)
- الأصلع: "ايه ده... ايه ده اللي هم فيه ده..!!"
- ذو الشعر: "بجد... استفزاز غير عادي... شوف الوقفة... شوف التوقيت اللي نازلين فيه يتظاهروا !"
- الأصلع: "لأ وبُص... شوف اليافطة مكتوب عليها ايه!"
- ذو الشعر (يقرأ بصدمة): "المُسلمون مُضطهدون... قـــلــبــي !!"
(تُصفق الجموع بقوة بالغة، فيرفع ذو الشعر الكانيش يديه في الهواء تحيةً لهم، لكنه يتبين أن التصفيق والتهليل للشيخ السلفي الذي أنهى خُطبته للتو...)
(يظهر شاب سلفي يوزع بعض الأوراق، ثم يتقدم نحو الليبرالييْن، ويُعطي كليهما ورقة... يرفض الأصلع، بينما يأخذها ذو الشعر الكانيش وينهمك في قرائتها...)
- الشاب السلفي: "أنتم عارفين ايه اللي حصل ولا لأ؟!"
- الأصلع: "لأ.. هو ايه اللي حصل؟!"
- الشاب السلفي: " فيه أختنا في القاهرة، كانت مسيحية وأسلمت، وللأسف قتلوها هي وزوجها وأبنائها.."
- الأصلع: "والكلام ده حصل امتى؟!"
- الشاب السلفي: "اتعرف على اسمك الكريم الأول.."
- الأصلع: "مــحـمــد"
(يتنفس الشاب الصعداء، ثم يلتفت للشاب الليبرالي الآخر..)
- ذو الشعر: "طــارق"... (ويغمز بعينه)
(يبدو الشك على الشاب، ثم يستكمل ما بدأه من حوارٍ مع الأصلع)
- الشاب السلفي: "حصل من قيمة كام يوم كده.."
- ذو الشعر (يُقاطعه): "طيب وكاتبين ليه في الورقة إنه حصل امبارح؟!"
- الشاب السلفي (لا يُجيب):
"وإحنا هنا ينطالب بحقوقها، وحقوق كل المسلمين... والقَصاص والقضاء العادل..."
- الأصلع: " بس يعني مع احترامي الشديد لحضرتك، هو اشمعنى يعني التوقيت الحالي لوقفتكم دي... هو انتم مش كده بتخلقوا فتنة طائفية إحنا في غِنى عنها في الفترة الحالية؟!"
- الشاب السلفي: "لأ... بس إحنا كده بقينا الطرف المظلوم... ولا يجوز إننا نتنازل عن حقوقنا..."
(فجأة... يتكاثر الجمع حول الشاب السلفي والليبرالييْن... فيظهر مجموعة مُختلفة من شباب السلف، بشكل مُثير للريبة، وينضمون للاستماع إلى الحوار... حتى يٌقاطع البعض منهم حديث الأصلع...)
- الأصلع: "طيب ما انت لو فكرت في الطرف التاني... يعني لو فرضت مثلاً... مثلاً.. إن حد مُسلم واستنصر... وجيت انت قتلته، مش هم برضه ممكن يفكروا زي ما انتم بتفكروا....و...."
(يتدخل أحد الأشخاص، ويُقاطع الحديث...)
- مُقاطِع 1:
"مـــــا هـــو انـــتـــ لـــمــّا تِـــسلمـــ الأول..... ســـاعتــها حتبقى تفكر وتـــعرف تــتكــلــمــ"
(يتفاجئ الأصلع، بينما يتدخل ذو الشعر الكانيش للرد عليه...)
- ذو الشعر (يُطرقع أصبعه) :
"على فكرة الراجل مُسلم... اسمـه محمد..."
(يُغادر المُقاطع رقم 1 قبل أن يُتِمــ ذو الشعر جملته...)
- الأصلع: "ايه يا جماعة... انتم كترتم كده ليه... انا باتكلم مع واحد بس ... عادي يعني..."
- الشاب السلفي (للمُحاوطين): "خلاص يا رجالة.. خلاص خلاص.. إحنا بنتبادل وجهات النظر مش أكتر..."
- الأصلع (يهدأ): "وبعدين انت مردتش عليا برضه... هو انتم كده مش بتخلقوا فتنة طائفية..."
- الشاب السلفي: "لأ.. وليه نخلق فتنة طائفية... وبعدين هم اللي ابتدوا في الأصل..."
- الأصلع: " بس برضه... إحنا في توقيت غير مُناسب لكده... يعني مش بكل بساطة تخرج وتقول إن فيه 80 مليون مُسلم مُضطهد.. انتم كده كلامكم غير واقعي على الأقل... وبعدين افتكر كده أيام حادثة كنيسة القديسين... لمـــّا..."
(يتدخل أحد المُحاوطين، ويُقاطع الحوار بحدة مُبالغة)
- مُقاطِع 2: "وهـــو انـــتمــ لــسه... مــفكــرين... إنـــنـا إحـــنا اللــي عمــلنا حادثــة كنيسة القديــسيــن!!"
(ثُمـ يُغادر بعد إنهاء جملته)
- ذو الشعر (بدهشة للشاب السلفي):
"يا عم.. ما قلنا لكم إحنا مُسلمين والله زينا زيكم... الراجل اسمه محمد يعني!!"
- الشاب السلفي: "ايوه والله... خلاص خلاص يا جماعة.. أنت قلت وجهة نظرك... وأنا باحترمها..."
- ذو الشعر (يتدخل أخيرًا):
"معلش يعني.. بس اسمح لي أقول لك حاجة... "
- الشاب السلفي: "اتفضل طبعًا.."
- ذو الشعر: "أنا واحد مثلاً ملهوش في السياسية..."
- الشاب السلفي (يبتسم): "ده ملهوش علاقة بالسياسة.."
- ذو الشعر:
"ايوه ماشي... اسمعني للآخر بس... أنا مليش في السياسة، مكنتش أعرف عن الموضوع ده للأسف علشان مش متابع... بس أنا قريت الورقة اهو... والموضوع استفزني... ومعنديش مانع أقف معاكم في الوقفة دي... بس يعني خلينا نتكلم بصراحة... هو ايه اللي المُسلمون مُضطهدون... هي بذمتك مش دي جُملة مُستفزة برضه؟!"
- الشاب السلفي:
" يا أخي ما هو الموضوع بقى قضية حقوقية... طالبين فيها قضاء عادل..."
- الأصلع: "حقوقية... ليك حق.. بس مش تيجي تتظاهر بعدها بكام يوم ومخصوص في يوم زي النهارده!!"
- الشاب السلفي: "أنا فهمت وجهة نظرك خلاص، واحترمها..."
- الأصلع: "طيب.. خلاص... تمامـــ"
(يُغادر الشاب السلفي، وينفض الجمع وينضم لبقية التظاهرة التي تبدأ في التحرك من جديد... بينما يهم الأصلع وذو الشعر بالخروج من المسرح... يقف ذو الشعر للحظة ويُلقي بنظرة فاحصة على الجمع، جمعٌ مُنظم، هناك البعض قد ارتدى ملابس تنظيم المرور وتأكد من تنظيم التظاهرة... والجميع يحمل نفس الهيئة تقريبًا... الذقن، الأرجل، والهتاف... هنُاك سيارات مُحملة بأجهزة صوتية ضخمة، ومُصورين مخصوصين لتصوير التظاهرة...
وفي الجانب الآخر من المسرح هناك سيدة عجوز رثة الثياب تبيع المناديل الورقية وسط الجمع...)
- بائعة المنــاديل:
"مناديل... مناديل يا شيخنا... مناديل... ربنا يُنصر... مناديل..."
(يخرج ذو الشعر من جانب المسرح... ويستمر الهتاف... وهُناك ورقة مُلقاة على أرضية المسرح مكتوب في ذيلها... ونحن ندعو عُقلاء النصارى المصريين على شتى طوافئهم للانضمام إلينا في مطالبنا العادلة التي تحفظ أمن مصر وكل المصريين...)
خِــــتـــامـــ
Tarek Nader
26 إبريل 2011